تدريجا ، فحين الاستنباط ليس محلا لابتلائه إلّا بعض الأطراف (١) فاسد ، وذلك لأنّ المجتهد إذا أجرى الاستصحاب في كلّ مسألة وكتب جميع فتاواه في رسالته وأراد نشرها في مقلّديه ، يعلم إجمالا بأنّ بعض هذه الاستصحابات غير جار ، لانتقاض الحالة السابقة ، ومن الواضح أنّ الآن جميع الأطراف محلّ لابتلائه ، فلا يجوز له فعلا الإفتاء على طبق هذه الاستصحابات التي يعلم بانتقاض الحالة السابقة في بعضها وإن لم يكن جميع الأطراف محلا لابتلائه حين الاستنباط.
وبالجملة بناء على جريان الأصول في المقام فإن كانت موارد الأصول المثبتة بضميمة ما علم تفصيلا وما ثبت بالضرورة من الأحكام بمقدار المعلوم بالإجمال ، فلا محالة ينحلّ العلم الإجمالي بذلك ، ولا مانع من الرجوع إلى الأصول النافية للتكليف بعد ذلك ، ولا يلزم الاحتياط أصلا ، وإن لم تكن تلك بمقدار المعلوم بالإجمال ، فاللازم هو الاحتياط في خصوص موارد الأصول النافية بمقدار لا يلزم منه الاختلال بالنظام ولا العسر بناء على ما اخترناه في محلّه من أنّ الاضطرار إلى بعض غير المعيّن من أطراف العلم الإجمالي لا يوجب انحلال العلم ، بل العلم الإجمالي على منجّزيّته بالإضافة إلى غير المضطرّ إليه من الأطراف ، وأمّا بناء على ما ذهب إليه صاحب الكفاية من انحلاله حينئذ كانحلاله في صورة الاضطرار إلى المعيّن ، فاللازم عدم الاحتياط بمقدار لا يلزم منه الخروج من الدين.
أمّا في غير هذا المقدار فلا مانع من إجراء الأصول النافية ، لانحلال العلم الإجمالي من جهة الاضطرار إلى ترك بعض الأطراف الّذي يرتفع به محذور
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣٥٩.