وبعبارة أخرى : نقيّد إطلاق كلّ منهما ـ الناطق بأنّ هذا واجب سواء أتيت بفرد آخر غيره أو لا ـ بصورة عدم الإتيان بالآخر بأن نقول : إنّ الجمعة واجبة على من لم يأت بالظهر ، وهي واجبة على من لم يأت بالجمعة ، وهكذا في القصر والإتمام.
وفي المقام أيضا كذلك ، فنقول : إنّا نعلم من الخارج بعدم شمول دليل الأصل لكلا الطرفين لمانع عقلي ، فيرفع اليد عن ظهوره بالمقدار المتيقّن ، وهو شموله لكلا الطرفين ، أمّا سقوط الدليل بالكلّيّة فلا موجب له ، فلا بدّ من الحكم بشموله لكليهما تخيّرا ، ولذا التزم بعض بالتخيير في الخبرين المتعارضين على القول بالطريقيّة المحضة. وهذه شبهة عويصة في المقام.
وأجاب عنه شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ على مبناه من أنّ استحالة الإطلاق ملازمة لاستحالة التقييد أيضا ، لما بين الإطلاق والتقييد من تقابل العدم والملكة ، فإذا استحال الإطلاق في الأصل الجاري في كلّ من الطرفين ـ بأن يكون مفاده أنّ هذا المائع حلال شربه سواء شربت الآخر أو لا ـ يستحيل التقييد بعدم الآخر أيضا (١).
وقد مرّ الجواب عنه مرارا من أنّ استحالة الإطلاق تستلزم ضروريّة التقييد ، ومثّلنا لذلك بالعلم والجهل ، فإنّ التقابل بينهما تقابل العدم والملكة مع أنّ الجهل يستحيل على البارئ تعالى والعلم ضروريّ له تعالى ، وهكذا الفقر والغنى متقابلان تقابل العدم والملكة مع أنّ الغنى مستحيل على الممكن والفقر ضروريّ له.
والجواب الصحيح عن هذه الشبهة هو : أنّ المحذور لو كان الترخيص
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٤٤ ـ ٢٤٥.