في الجمع بأن كانت نتيجة الإطلاق إباحة الجمع بين شرب هذا الإناء وذاك الإناء ، لكان المحذور يندفع بالتقييد قطعا ، كما في الصلاة والإزالة حيث إنّ نتيجة إطلاق كلا الأمرين ـ الأمر بالإزالة والأمر بالصلاة ـ هي الأمر بالجمع بين الضدّين ، فيستحيل إطلاق كلّ منهما ، وحينئذ إذا قيّد كلّ منهما أو أحدهما بترك امتثال الآخر ، يرتفع المحذور الّذي هو الأمر بالجمع بين الضدّين.
وأمّا لو كان المحذور هو الجمع في الترخيصين بأن يرخّص في شرب هذا الإناء حال ترخيصه شرب ذاك الإناء ، فهو باق حتى مع التقييد ، لأنّ لازمه إباحة كلّ من المائعين اللذين علم بخمريّة أحدهما عند حصول القيد لكلّ منهما ، كما إذا اختار المكلّف ترك شرب كلّ منهما ، وهو ترخيص في ارتكاب الحرام ، والحكم بإباحة ما حرّمه وجواز ارتكابه ـ ولو عند ترك المكلّف إيّاه وعدم ارتكابه باختياره ـ قبيح من الحاكم العاقل ، مستحيل على الشارع الحكيم. والمحذور في المقام هو الجمع في الترخيصين لا الترخيص في الجمع.
ونمثّل مثالا لذلك حتى يتّضح المرام ، وهو : أنّه إذا حلف أحد على ترك السكنى في مكان معيّن أوّل طلوع الشمس وتردّد أمر هذا المكان بين الغرفتين ، فالمكلّف الحالف يعلم إجمالا بحرمة السكنى في إحدى الغرفتين ، ومن الواضح أنّه لا يقدر على الجمع بين السكنى في هذه الغرفة وتلك الغرفة في آن واحد ، لكونهما ضدّين لا يجتمعان ، ولكنّه قادر على أن يسكن في مكان آخر ولا يسكن في شيء من الغرفتين ، وقد مرّ أنّ دليل الأصل لا يمكن شموله لكلا الطرفين ، ولا يعقل إطلاقه في كلّ منهما.
فحينئذ نقول : المانع من الإطلاق والشمول لو كان هو الترخيص في الجمع ، فهو في المقام مفقود ، إذ المفروض أنّه لا يقدر على الجمع ، وإحدى السكنيين متروكة لا محالة ، فمن ذلك نستكشف أنّ المانع لا يكون ذلك ، بل