احتمال حدوث التكليف.
مثلا : لو اضطرّ المكلّف إلى شرب أحد المائعين ، الّذي هو الماء ، ثمّ بعد ذلك علم إجمالا بوقوع قطرة من الدم إمّا فيما اضطرّ إلى شربه لرفع عطشه المهلك أو في المائع الآخر الّذي هو الخلّ ولم يضطرّ إليه ، لم يكن للمكلّف علم بحدوث التكليف أصلا ، إذ على تقدير وقوع الدم في الماء فهو غير مكلّف بالاجتناب قطعا ، لمكان الاضطرار إلى شربه ، فيبقى مجرّد احتمال بدويّ للتكليف ناشئ عن احتمال وقوع الدم في الخلّ ، ولا مانع من جريان أصل البراءة فيه ، لعدم أصل معارض له.
وإنّما الإشكال في الصورة الثالثة ، وهي ما إذا اضطرّ المكلّف إلى شرب الماء في المثال ثمّ بعد ذلك علم إجمالا بوقوع النجاسة قبل الاضطرار إلى شرب الماء إمّا فيه أو في الخلّ.
وهذه الصورة متوسّطة بين الصورة الأولى والثانية ، وقد اتّفقت كلمات شيخنا الأنصاري (١) وشيخنا الأستاذ (٢) وصاحب الكفاية (٣) ـ قدسسره ـ على عدم تنجيز العلم الإجمالي في هذه الصورة كسابقتها ، وألحقوا بتلك صورة حصول العلم بوقوع النجاسة في أحدهما حال تحقّق الاضطرار إلى شرب الماء. والحقّ معهم قدسسره.
والبحث لا يختصّ بصورة الاضطرار ، بل يعمّ الخروج من مورد الابتلاء ، والفقدان ، ففي كلّ مورد جاز للمكلّف ارتكاب شيء للاضطرار ، أو خروج طرفه عن محلّ الابتلاء ، أو فقدانه ، وبعد ذلك صار طرفا للعلم الإجمالي بالتكليف قبل عروض هذه الأمور ، لم يكن العلم الإجمالي منجّزا ،
__________________
(١ ـ ٣) فرائد الأصول : ٢٥٤ ، أجود التقريرات ٢ : ٢٦٥ ـ ٢٦٦ ، كفاية الأصول : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.