يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلاً سَلاماً سَلاماً﴾(١) أو المراد سلام التحية ، والمقصود أنّ أصحاب اليمين يسلّم بعضهم على بعض (٢) .
وقيل : إنّ خطاب ( لك ) إلى النبي صلىاللهعليهوآله والمراد بيان عدم حاجتهم إلى الشفاعة ، والمعنى : فسلام لك يا محمد لا يهمّك أمرهم ، فانّهم في سلامة وعافية (٣) . أو المراد أنّ أصحاب اليمين يسلّمون عليك يا محمد ، وفيه دلالة على عظمتهم ، فانّ العظيم لا يسلم عليه إلّا العظيم - كذا قيل - (٤) وعلى أنّ أصحاب اليمين وإن كان مكانهم دون المقرّبين ، إلّا أنه لا ينقطع بينهم التسليم والمكالمة ، كما أنّهم يسلمون عليك.
﴿وَأَمَّا إِنْ كانَ﴾ المتوفّى ﴿مِنَ﴾ الكفار ﴿الْمُكَذِّبِينَ﴾ للرسل في دعوى الرسالة والتوحيد والبعث من جهة كونهم من ﴿الضَّالِّينَ﴾ والمنحرفين عن طريق الحق والهدى ، أو الواقفين عن شمال العرش ، أو المحشر ، المؤتين كتابهم (٥) بشمالهم.
عن الباقر عليهالسلام : « فهولاء المشركون » (٦) .
﴿فَنُزُلٌ﴾ وما أعد لهم حين ورودهم علينا ، كائن ﴿مِنْ حَمِيمٍ﴾ وماء متناه في الحرارة تقطّع به أمعاءهم. قيل : هذا في قبره ﴿وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ﴾ وإلقاء في النار ، وهذا في الآخرة ، كما عن الصادقعليهالسلام(٧) . ﴿إِنَّ هذا﴾ المذكور في هذه السورة المباركة ، أو أصناف الناس وجزاؤهم في الآخرة ، والله ﴿لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ﴾ والثابت الذي لا ريب فيه (٨) ، والثابت المتيقن أو حقّ الخبر (٩) اليقين ، أو الثابت الذي لا يطرأ عليه التبديل والتغيير. وقيل : يعني يقين حق اليقين (١٠) .
ثمّ لمّا كان حقّية ما في السورة الكريمة ممّا يوجب تنزّهه تعالى عن الشرك والكذب وسائر ما لا يليق بربوبيته تعالى ، رتّب على بيان ما في السورة أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بتسبيحه وتنزيهه بقوله تعالى : ﴿فَسَبِّحْ﴾ يا محمد ﴿بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ﴾ وقد مرّ تفسيره أو المراد فسبّح شكرا لما أنزلت إليك من المطالب العالية التي ما نزلت على غيرك من الرسل.
وقيل : لمّا بيّن سبحانه الحقّ ، وامتنع الكفّار عن قبوله ، أمر نبيّه صلىاللهعليهوآله بتسبيحه وتنزيهه (١١) ، والمراد إن امتنع الكفّار من قبول ما فصّل في السورة ، فلا تتركهم ولا تعرض عنهم ، وسبّح ربّك في نفسك ، وما
__________________
(١) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٠٢ ، والآية من سورة الواقعة : ٥٦ / ٢٥.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٣٤١.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٠٢.
(٤) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٠٢.
(٥) في النسخة المؤتون كتابتهم.
(٦) الكافي ٢ : ٢٥ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ١٣١.
(٧) تفسير القمي ٢ : ٣٥٠ ، امالي الصدوق : ٣٦٦ / ٤٥٥ ، و: ٥٦١ / ٧٥٣ ، تفسير الصافي ٥ : ١٣١.
(٨) في النسخة : التي لا ريب فيها.
(٩) في النسخة : بالخبر.
(١٠) تفسير روح البيان ٩ : ٣٤٢.
(١١) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٠٤.