أقول : فيه طعن عظيم على عمر ، حيث دلّ على أنّه أجهل الناس بأحكام الكتاب ، وتكليف نفسه ، وأرتكب كثيرا من المعاصي ، وليس ذلك ببعيد ممّن قال : كلّ الناس افقه من عمر حتى المخدّرات في الحجال.
﴿وَلا يَغْتَبْ﴾ أيّها المؤمنون ، ولا يذكر بالسوء ﴿بَعْضُكُمْ بَعْضاً﴾ في غيابه.
روي عن النبي صلىاللهعليهوآله أنّه سئل عن الغيبة ، فقال : « أن تذكر أخاك بما يكره ، فان كان فيه فقد اغتبته ، وإن لم يكن فيه فقد بهتّه » (١) .
في حرمة الغيبة وأحكامها
وعن الصادق عليهالسلام أنّه سئل عن الغيبة ، فقال : « هو أن تقول لأخيك في دينه ما لم يفعل ، وتبثّ أمرا ستره الله عليه ، لم يقم عليه فيه الحدّ » (٢) .
وفي رواية : « وأمّا الأمر الظاهر فيه مثل الحدّة والعجلة فلا » (٣) .
وعن الكاظم عليهالسلام : « من ذكر رجلا من خلفه بما هو فيه ممّا عرفه الناس لم يغتبه ، ومن ذكره من خلفه بما هو فيه ممّا لا يعرفه الناس اغتابه ، ومن ذكره بما ليس فيه فقد بهته » (٤) .
وروت العامة عن النبي صلىاللهعليهوآله : « إياكم والغيبة ، فانّ الغيبة أشدّ من الزنا » .
ثمّ قال : « إن الرجل يزني ويتوب ، فيتوب الله عليه ، وإن صاحب الغيبة لا يغفر له إلّا أن يغفر له صاحبه » . وعن ابن عباس : الغيبة أدام كلاب النار (٥) .
وروي « أنّ المغتاب إذا تاب فهو آخر من يدخل الجنّة ، وإن لم يتب أول من يدخل النار » (٦) . إلى غير ذلك من الأخبار.
ثمّ شبّه سبحانه تناول عرض المؤمن بأكل لحمه بعد موته مبالغة في الزجر عنه بقوله : ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ﴾ ويرغب في ﴿أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ﴾ جسد ﴿أَخِيهِ﴾ النسبي
حال كونه ﴿مَيْتاً﴾ وجيفة ، ومن الواضح أنكم إذا ابتليتم بأكل هذا اللحم ﴿فَكَرِهْتُمُوهُ﴾ وتنفر منه طباعكم ، واشمأزّت منه نفوسكم ، وحكم بقبحه عقولكم ، فكذا تناول عرض المؤمن الذي هو أخوكم في الايمان حال غيبته.
قيل : لمّا كان مجال توهّم أنّ اللّمز والنّبز حرامان ، لاطلاع المؤمن عليهما وتألّمه بهما غايته ، وأمّا الغيبة فلا وجه لحرمتها وقبحها ، لعدم تألم المغتاب منها ؛ لأنّه لا يطّلع عليها ، دفعه سبحانه بأن أكل
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٨٧.
(٢) الكافي ٢ : ٢٦٦ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٣.
(٣) الكافي ٢ : ٢٦٧ / ٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٣.
(٤) الكافي ٢ : ٢٦٦ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٥٣.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٨٩.
(٦) مصباح الشريعة : ٢٠٥.