الحارث الأسلمية مسلمة ، والنبي صلىاللهعليهوآله بالحديبية ، فأقبل مسافر المخزومي زوجها طالبا لها ، فقال : يا محمد ، اردد عليّ امرأتي فانّك قد شرطت أن تردّ علينا من أتاك منّا ، فنزلت الآية. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : « إنّما الشرط كان في الرجال دون النساء » فاستحلفها رسول الله صلىاللهعليهوآله فحلفت ، فأعطى زوجها ما أنفق (١) .
وعن القمي رحمهالله : إذا لحقت امرأة من المشركين بالمسلمين تمتحن بأن تحلف بالله إنّه لم يحملها على اللّحوق بالمسلمين بغض زوجها الكافر ، ولا حبّ أحد من المسلمين ، وإنّما حملها على ذلك الاسلام ، فاذا حلفت على ذلك قبل إسلامها وأتوهم ما أنفقوا ، يعني تردّ المسلمة على زوجها الكافر صداقها [ ثم يتزوجها المسلم ](٢) .
﴿وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ﴾ أيّها المسلمون ﴿أَنْ﴾ تتزوّجوا المهاجرات و﴿تَنْكِحُوهُنَ﴾ لخلوهنّ عن الزوج بالاسلام ﴿إِذا آتَيْتُمُوهُنَ﴾ وحين أعطيتموهنّ ﴿أُجُورَهُنَ﴾ والتزمتم مهورهنّ ، فانّه لا يكفي ما أعطى الزوج عن المهر ﴿وَلا تُمْسِكُوا﴾ ولا تعتدّوا ﴿بِعِصَمِ﴾ النساء ﴿الْكَوافِرِ﴾ ونكاحهنّ لبطلانه بسبب الاختلاف في الدين.
عن ابن عباس : من كانت له امرأة كافرة بمكة فلا يعتدّنّ بها من نسائه (٣) ، يعني لا يعدّها من الأربع ، بل يجوز تزويج غيرها ونكاح اختها.
عن الباقر عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « يقول : من كانت عنده امرأة كافرة - يعني على غير ملة الاسلام - وهو على ملّة الاسلام ، فليعرض عليها الاسلام ، فان قبلت فهي امرأته ، وإلّا فهي بريئة منه ، فنهى الله أن يمسك بعصمتها » (٤) .
وعنه عليهالسلام قال : « لا ينبغي نكاح أهل الكتاب » قيل : وأين تحريمه ؟ قال : « قوله : ﴿لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ ﴾ » (٥) .
أقول : يعارضه أخبار معتبرة ، فلا بدّ من حملها على الكراهة ﴿وَسْئَلُوا﴾ أيّها المؤمنون من الكفّار ، واطلبوا منهم ﴿ما أَنْفَقْتُمْ﴾ من مهور نسائكم إذا لحقن بهم ﴿وَلْيَسْئَلُوا﴾ اولئك الكفّار ، ويطلبوا منكم ﴿ما أَنْفَقُوا﴾ وأعطوا من مهور نسائهم ، إذا لحقن بكم ﴿ذلِكُمْ﴾ الأحكام ﴿حُكْمُ اللهِ﴾ الذي ﴿يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ﴾ وبين الكفّار ﴿وَاللهُ عَلِيمٌ﴾ بمصالح العباد ﴿حَكِيمٌ﴾ يشرّع ما تقتضيه حكمته.
__________________
(١) تفسير أبي السعود ٨ : ٢٣٩ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٨٣.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٦٢ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٤.
(٣) تفسير أبي السعود ٨ : ٢٣٩ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٨٥.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٦٣ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٤.
(٥) الكافي ٥ : ٣٥٨ / ٧ ، تفسير الصافي ٥ : ١٦٥.