﴿إِنْ أَصْبَحَ﴾ وصار ﴿ماؤُكُمْ﴾ الذي تنالون منه بسهولة من آباركم ﴿غَوْراً﴾ ونازلا في الأرض بالكلية بحيث لا يمكن لكم نيله بنوع من الحيل ﴿فَمَنْ﴾ يقدر على أن ﴿يَأْتِيكُمْ﴾ على ضعفكم حينئذ ﴿بِماءٍ مَعِينٍ﴾ جار على وجه الأرض تنتفعون به بسهولة ، ءأصنامكم تأتيكم به ، أم الرحمن ؟ قيل : تخصيص الماء بالذكر لكونه أهون موجود وأعزّ مفقود (١) .
قيل : إنّ الكفار لما قالوا نتربّص به ريب المنون ، أمر الله تعالى نبيّه صلىاللهعليهوآله بأن يجيبهم بقوله : ﴿إِنْ أَهْلَكَنِيَ اللهُ وَمَنْ مَعِيَ﴾ من المؤمنين ، فأيّ نفع لكم فيه ، وأنتم تستحقّون عذابه ، ومن يجيركم من عذابه (٢) .
ثمّ أمره بأن يجيبهم بأنّ الله هو الرحمن لا يقبل دعاءكم وأنتم أهل الكفر والعناد في حقّنا ، مع أنّا آمنا به وعليه توكّلنا.
ثمّ لمّا ذكر أنّ توكّله عليه أمره بإقامة الدليل على أنّه يجب التوكّل عليه بقوله : ﴿قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ ماؤُكُمْ غَوْراً ...﴾ إلى آخره ، والمقصود إقرارهم ببعض نعمه ، ليريهم قبح ما هم عليه من الكفر ، حيث إنّهم إن قالوا : هو الله ، فيقال لهم : فلم تجعلون من لا يقدر على شيء أصلا شريكا له في العبودية؟
عن الرضا عليهالسلام أنّه سئل عن هذه الآية فقال : « ماؤكم أبوابكم (٣) الأئمّة ، الأئمّة أبواب الله ، فمن يأتيكم بماء معين ؟ أي من يأتيكم بعلم إمام ؟ » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « نزلت في الامام القائم ، يقول : إن أصبح إمامكم غائبا عنكم لا تدرون أين هو ، فمن يأتيكم بامام ظاهر يأتيكم بأخبار السماوات والأرض وحلال الله وحرامه ؟ » ثمّ قال : « والله ما جاء تأويل هذه الآية ، ولا بدّ أن يجيء تأويلها » (٥) .
في الحديث : « سورة في كتاب الله ما هي إلّا ثلاثون آية ، شفعت لرجل فأخرجته يوم القيامة من النار وأدخلته الجنة ، وهي سورة تبارك » (٦) .
وفي حديث آخر : « وددت أنّ ﴿تَبارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ﴾ في قلب كلّ مؤمن » وكان لا ينام صلىاللهعليهوآله حتّى يقرأ سورة الملك وألم تنزيل السجدة (٧) .
وقال علي عليهالسلام : « من قرأها يجيء يوم القيامة على أجنحة الملائكة ، وله وجه في الحسن كوجه يوسف » (٨) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ١٠ : ٩٧ و٩٨.
(٢) تفسير الرازي ٣٠ : ٧٦.
(٣) في النسخة : أبواكم.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٣٧٩ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٥.
(٥) كمال الدين : ٣٢٥ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٢٠٦.
(٦-٨) تفسير روح البيان ١٠ : ٩٨.