الصمد ؟ فقال : « الذي يصمد إليه في الحوائج » (١) .
وعن القمي رحمهالله قال : سبب نزولها أنّ اليهود جاءت إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقالت : ما نسبة ربّك ؟ فأنزل الله السورة (٢) .
وعن الصادق عليهالسلام قال : « إنّ اليهود سألوا رسول الله صلىاللهعليهوآله وقالوا : انسب لنا ربّك ، فلبث ثلاثا لا يجيبهم ، ثمّ نزلت ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ إلى آخرها » (٣) .
وعن الباقر عليهالسلام - في تفسيرها - قال : ﴿قُلْ﴾ يعني أظهر ما أوحينا إليك ونبّأناك به بتأليف الحروف التي قرأناها لك ، ليهتدي بها من ألقى السمع وهو شهيد ، و﴿هُوَ﴾ اسم مكنّى مشار (٤) إلى غائب ، فالماء تنبيه على مكّنى ثابت ، والواو إشارة إلى الغائب عن الحواسّ : كما أنّ ( هذا ) اشارة إلى الحاضر ، أو المشاهد عند الحواسّ ، وذلك أنّ الكفّار نبّهوا عن آلهتهم بحرف إشارة الشاهد المدرك فقالوا : هذه آلهتنا المحسوسة المدركة بالأبصار ، فاشر أنت - يا محمد - إلى إلهك الذي تدعو إليه حتى نراه وندركه ولا ناله فيه. فأنزل الله تبارك وتعالى : ﴿قُلْ هُوَ﴾ فالهاء تثبيت للثابت ، والواو إشارة إلى الغائب عن درك الأبصار ولمس الحواسّ ، وإنّه تعالى عن ذلك ، بل هو مدرك الأبصار ومبدع الحواسّ » (٥) .
ثمّ قال : «﴿ اللهُ﴾ وهو المعبود الذي أله الخلق عن درك ماهيته والإحاطة بكيفيته ، يقول العرب : أله الرجل ، إذا تحيّر في الشيء ولم يحط به علما ، ووله إذا فرغ من شيء يحذره ويخافه ، والإله هو المستور عن الخلق.
ثمّ قال : ﴿أَحَدٌ﴾ وهو الفرد المتفرّد ، والأحد والواحد بمعنى ، وهو المتفرّد الذي لا نظير له ، والتوحيد الاقرار بالوحدة ، وهو الانفراد ، والواحد : المتبائن الذي لا ينبعث من شيء ولا يتّحد بشيء ، ومن ثمّ قالوا : إنّ بناء العدد من واحد ، وليس الواحد من العدد ، لأنّ العدد لا يقع على واحد ، بل يقع على اثنين ، فمعنى قوله : ﴿اللهُ أَحَدٌ﴾ أي المعبود الذي يأله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيته ، فرد بالهيته ، متعال عن صفات خلقه » (٦) .
قال عليهالسلام : وحدثني أبي زين العابدين ، عن أبيه الحسين بن علي عليهالسلام قال : « الصمد الذي لا جوف له ، والصمد الذي قد انتهى سؤدده ، والصمد الذي لا يأكل ولا يشرب ، والصمد الذي لا ينام ، والصمد الدائم الذي لم يزل ولا يزال » .
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٥.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٤٤٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٠.
(٣) الكافي ١ : ٧١ / ١ ، التوحيد : ٩٣ / ٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٠.
(٤) في النسخة : مكنّى بها يشار بها.
(٥) التوحيد : ٨٨ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٠.
(٦) التوحيد : ٨٩ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩١.