قال عليهالسلام : « كان محمد ابن الحنفية يقول : الصمد القائم بنفسه ، الغنيّ عن غيره ، الصمد المتعالي عن الكون والفساد ، والصمد الذي لا يوصف بالتغيير والتغاير » .
وقال عليهالسلام : « الصمد السيد المطاع الذي ليس فوقه أمر وناه » .
قال عليهالسلام : وسئل علي بن الحسين عليهماالسلام عن الصمد فقال : « الذي لا شريك له ، ولا يؤوده حفظ شيء ، ولا يعزب عنه شيء » (١) .
قال الراوي : قال زيد بن على عليهالسلام : الصمد الذي إذا أراد شيئا قال : كن فيكون ، والصمد الذي أبدع الأشياء فخلقها أضدادا وأشكالا وأزواجا ، وتفرّد بالوحدة بلا ضدّ ولا شكل ولا مثل ولا ندّ(٢) .
قال : وحدّثني الصادق عن أبيه : أنّ أهل البصرة كتبوا إلى الحسين بن علي عليهالسلام يسألونه عن الصمد. فكتب إليهم بسم الله الرحمن الرحيم ، أما بعد فلا تخوضوا في القرآن ، ولا تجادلوا فيه ، ولا تتكلّموا فيه بغير علم ، وقد سمعت جدّي رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : من قال في القرآن بغير علم فليتبوّأ مقعده من النار ، وإنّ الله سبحانه قد فسّر الصمد فقال : ﴿اللهُ أَحَدٌ* اللهُ الصَّمَدُ﴾ ثمّ فسّره وقال : ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ* وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ﴾.
﴿لَمْ يَلِدْ﴾ لم يخرج منه شيء كثيف ، كالولد وسائر الأشياء الكثيفة التي تخرج من المخلوقين ، ولا شيء لطيف كالنفس ، ولا تنشعب منه البدوات كالسّنة والنوم ، والخطر والهمّ ، والحزن والبهجة ، والضّحك والبكاء ، والخوف والرجاء ، والرغبة والسأمة ، والجوع والشّبع ، تعالى من أن يخرج منه شيء وأن يتولّد منه شيء كثيف أو لطيف.
﴿وَلَمْ يُولَدْ﴾ ولم يتولّد من شيء ، ولم يخرج من شيء كما تخرج الأشياء الكثيفة من عناصرها ، كالشيء من الشيء ، والدابّة من الدابّة ، والنبات من الأرض ، والماء من الينابيع ، والثمار من الأشجار [ ولا ] كما تخرج الأشياء اللطيفة من مراكزها ، كالبصر من العين ، والسمع من الاذن ، والشمّ من الأنف ، والذوق من الفم ، والكلام من اللسان ، والمعرفة والتمييز من القلب ، وكالنار من الحجر ، لا بل هو الله الصمد ، الذي لا من شيء ، ولا في شيء ، مبدع الأشياء وخالقها ، ومنشئ الأشياء بقدرته ، يتلاشى ما خلق للفناء بمشيئته ، ويبقى ما خلق للبقاء بعلمه ، فذلكم الله الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ، ولم يكن له كفوا أحد » (٣) .
ثمّ اعلم أنّ مفسّري العامة قد ذكروا في معنى الصمد أقوالا :
__________________
(١) التوحيد : ٩٠ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩١.
(٢) التوحيد : ٩٠ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩١.
(٣) التوحيد : ٩٠ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٢.