والتبديلات ، وعن إحاطة الأمكنة والأزمنة والآنات والجهات (١) .
وقيل : إنّ معناه الواجب الوجود (٢) ، ولازمه تنزّهه من النقائص ووجدانه جميع الكمالات الإلهية.
روي عن الصادق عليهالسلام أنه قال : قدم وفد من فلسطين على الباقر عليهالسلام ، فسألوه عن مسائل فأجابهم ، ثمّ سألوه عن الصمد ، فقال : في تفسيره : الصمد خمسة أحرف ، فالألف دليل على إنّيته ، وهو قوله : ﴿شَهِدَ اللهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ﴾(٣) وذلك تنبيه وإشارة إلى الغائب عن درك الحواس.
واللام دليل على إلهيته ، وأنّه هو الله ، والألف واللام يدغمان ولا يظهران على اللسان ويقعان في السمع ، ويظهران في الكتابه ، وهما دليلان [ على ] أنّ إلهيته بلطفه خافية لا تدرك بالحواسّ ، ولا تقع في لسان واصف ، ولا في اذن سامع ، لأنّ تفسير الإله هو الذي أله الخلق عن درك ماهيّته وكيفيته بحسّ أو بوهم ، لا بل هو مبدع الأوهام وخالق الحواسّ ، وانما يظهر ذلك عند الكتابة ، وهو دليل على أنّ الله تعالى أظهر ربوبيته في إبداع الخلق وتركيب أرواحهم اللطيفة في أجسادهم الكثيفة ، فإذا نظر عبد إلى نفسه لم ير روحه ، كما أنّ لام الصمد لا تتبيّن ، فلا تدخل في حاسّة من الحواسّ الخمس ، فاذا نظر في الكتابة ظهر له ما خفي ولطف ، فمتى تفكّر العبد في ماهية الباري وكيفيته أله فيه وتحيّر ، ولم تحط فكرته بشيء يتصوّر له ، لأنّه عزوجل خالق التصوّر ، فإذا نظر إلى خلقه ثبت له أنّه عزوجل خالقهم ومركّب أرواحهم وأجسادهم.
وأمّا الصاد فدليل على أنّه صادق ، وقوله صدق ، وكلامه صدق ، ودعا عباده إلى اتّباع الصدق ، ووعد بالصدق دار الصدق.
وأمّا الميم فدليل على ملكه ، وأنّه الملك الحقّ ، لم يزل ولا يزال ولا يزول ملكه.
وأمّا الدالّ فدليل على دوام ملكه ، وأنه عزوجل متعال ق عن الكون والزوال ، بل هو عزوجل مكوّن الكائنات ، الذي كان بتكوينه كلّ كائن.
ثمّ قال : لو وجدت لعلمي الذي آتاني الله حملة لنشرت التوحيد والاسلام والايمان والدين والشرائع من الصمد.
إلى أن قال الباقر : « الحمد لله الذي منّ علينا ووفّقنا لعباده ، الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ، ولم يكن له كفوا أحد ، وجنّبنا عن عبادة الأوثان ، حمدا سرمدا ، وشكرا واصبا » .
ثمّ قال : « قوله عزوجل : ﴿لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ﴾ يقول : لم يلد فيكون له ولد يرثه ملكه ، ولم يولد
__________________
(١) تفسير الرازي ٣٢ : ١٨١ و١٨٢.
(٢) تفسير الرازي ٣٢ : ١٨١.
(٣) آل عمران : ٣ / ١٨.