فيكون له والد يشركه في ربوبيته وملكه ، ولم يكن له كفوا أحد فيعارضه في سلطانه » (١) .
أقول : ما ذكره عليهالسلام في تفسير الصمد ، فهو من البطون التي للقرآن ، وليس من التفسير المصطلح.
عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه سأله رجل عن تفسير هذه السورة فقال : « هو الله أحد بلا تأويل عدد ، الصمد تبعيض بدد ، ولم يلد فيكون موروثا هالكا ، ولم يولد فيكون إلها مشاركا ، ولم يكن من خلقه كفوا أحد ... » الخبر (٢) .
ثمّ اعلم أنّ تكرار اسم الجلالة قبل ﴿أَحَدٌ﴾ وقبل ﴿الصَّمَدُ﴾ للدلالة على أنّ كلّ واحد من الوصفين من لوازم الالوهية وخصائصها ، ونكتة تقديم جملة ﴿لَمْ يَلِدْ﴾ على جملة ﴿لَمْ يُولَدْ﴾ هي شيوع اعتقاد أنّ له ولد في اليهود والنصارى في ذلك الزمان ، وأن الملائكة بنات الله في العرب ، فاقتضى ذلك تقديمها ردّا عليهم.
عن السجاد عليهالسلام أنّه سئل عن التوحيد فقال : « إنّ الله عزوجل علم أنّه يكون في آخر الزمان أقوام متعمّقون ، فأنزل الله ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ والآيات من أول سورة الحديد إلى قوله : ﴿وَهُوَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ﴾(٣) فمن رام وراء ذلك فقد هلك » (٤) .
أقول : الظاهر أنّ المراد أنه يجيء أقوام يتفكّرون في ذات الله ، فردعهم الله عنه بذكر صفاته ، فمن تفكّر في الذات فقد هلك.
وعن الرضا عليهالسلام أنّه سئل عن التوحيد فقال : « كلّ من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ وآمن بها ، فقد عرف التوحيد » .
قيل : كيف يقرأها ؟ قال : « كما يقرأ الناس ، وزاد فيها : كذلك الله ربّي مرتين » (٥) .
وعن الباقر عليهالسلام قال : « ﴿ قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ ثلث القرآن » (٦) .
وروى الصدوق عن أمير المؤمنين عليهالسلام قال : « من قرأ ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ مرّة ، فكأنّما قرأ ثلث القرآن [ ومن قرأها مرتين فكأنّما قرأ ثلثي القرآن ، ومن قرأها ثلاث مرات فكأنّما قرأ القرآن كله » (٧) .
وعن رسول الله صلىاللهعليهوآله : « من قرأ سورة ﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾ فكأنّما قرأ ثلث القرآن ] ، واعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من أشرك بالله وآمن بالله » (٨) .
أقول : لعلّ وجه كون هذه السورة بمنزلة قراءة ثلث القرآن أنّ عمدة مطالب القرآن كلّه التوحيد والرساله والمعاد ، وتمام السورة المباركة بيان التوحيد الكامل.
__________________
(١) التوحيد : ٩٢ / ١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٢.
(٢) مجمع البيان ١٠ : ٨٦٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٣.
(٣) الحديد : ٥٧ / ٦.
(٤) الكافي ١ : ٧٢ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٣.
(٥) الكافي ١ : ٧٢ / ٤ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٣.
(٦) الكافي ٢ : ٤٥٥ / ٧ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٤.
(٧) كمال الدين : ٥٤٢ / ٦ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٩٤.
(٨) تفسير الرازي ٣٢ : ١٧٤.