لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) بالخلة! (قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ...) فأخذ إبراهيم ديكاً وبطّاً وطاووساً ونسراً فقطعهن وخلطهن ثمّ جعل على كل جبل منهن جزءاً وهن عشرة جبال ، وأخذ بمناقيرهن بين أصابعه ثمّ دعاهن بأسمائهن ، فتطايرت تلك الأجزاء بعضها إلى بعض حتّى استوت الأبدان ، وجاء كل بدن حتّى انضمّ إلى رقبته ورأسه.
فقال المأمون : بارك الله فيك يا أبا الحسن. فأخبرني عن قول الله عزوجل : (فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ).
فقال الرضا عليهالسلام : إنّ موسى دخل مدينة من مدائن فرعون على حين غفلة من أهلها وذلك بين المغرب والعشاء (فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ هَذَا مِنْ شِيعَتِهِ وَهَذَا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ) فقضى موسى بحكم الله على العدو فمات ، فلمّا (قَالَ هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ) كان يعني الاقتتال الذي كان بين الرجلين لا ما فعله هو!
فقال المأمون : فما معنى قول موسى : (رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي (١)) قال : يقول : ربّ إني وضعت نفسي في غير موضعها لما دخلت هذه المدينة فاسترني من أعدائي لئلّا يقتلوني.
فقال المأمون : يا أبا الحسن جزاك الله عن أنبيائه خيراً! فما معنى قول موسى لفرعون : (فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنْ الضَّالِّينَ).
قال الرضا عليهالسلام : إنّ فرعون لما أتاه موسى قال له : (وَفَعَلْتَ فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) بي! فقال موسى : بل (فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ (٢)) عن الطريق لوقوعي في مدائنك.
__________________
(١) القصص : ١٥ ـ ١٦.
(٢) الشعراء : ١٩ ـ ٢٠.