وآخر عن عبد الله بن بشير (من غلمان المأمون) : أنّ المأمون أمره أن يطوّل أظفاره ، ثمّ أخرج إليه شيئاً يُشبه التمر الهندي وقال له : اعجنه بيديك! ففعل (ثم من دون أن يغسل يده منه) استتبعه معه لعيادة الرضا عليهالسلام وسأله عن حاله فقال : أرجو أن أكون صالحاً! فقال المأمون : فخذ اليوم ماء رمان فإنه لا يستغنى عنه! ثمّ دعا برمان فناوله لعبد الله بن بشير وقال له : اعصر ماءه بيدك! ففعل ، وسقاه المأمون الرضا بيده فلم يلبث بعد ذلك إلّايومين.
وبعد أن خرج المأمون دخل عليه أبو الصلت الهروي فقال له الرضا عليهالسلام : يا أبا الصلت ، قد فعلوها! (أي قد سقوني السم) (١) وانتشر هذا في الناس وبلغ خبره المأمون بعد يومين وقُبيل وفاته.
فدخل المأمون إلى الرضا يعوده فوجده يجود بنفسه! فبكى! وقال : يا أخي! عزيز عليَّ أن أعيش (بعد) يومك؟ وقد كان في بقائك أمل! وأشدّ عليَّ وأغلظ أن الناس يقولون : إني سقيتك سمّاً! وأنا بريء من ذلك!
ثمّ خرج المأمون من عنده ومات الرضا عليهالسلام (٢).
وتركه المأمون ذلك اليوم ومساءه ، وفي غده أرسل إلى من معه من آل أبي طالب وفيهم عمّ الرضا محمّد بن جعفر بن محمّد العلوي فأحضرهم على جسد الرضا وأراهم إيّاه صحيح الجسد لا أثر به! وبكى وقال : يا أخي عزّ عليَّ أن أراك في هذه الحالة! وقد كنت أُؤمّل أن أُقدّم قبلك فأبى الله (!) إلّاما أراد! وأظهر عليه جزعاً شديداً وحزناً كثيراً (٣).
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٣٧٧ و ٣٧٨.
(٢) المصدر السابق : ٣٨٠ عن أبي الصلت الهروي.
(٣) مقاتل الطالبيين : ٣٧٨.