الصلاة والصيام إلى أمر عظيم! فقلت لهما : ما رأيتما فيه؟ قالا : ما نقول في رجل لمّا نظرنا إليه ارتعدت فرائصنا وداخلنا ما لا نملكه من أنفسنا! يقوم الليل كلّه ويصوم النهار ، لا يتشاغل ولا يتكلم!
فلمّا سمع المنحرفون ذلك انصرفوا خائبين (١).
فكأنّ يأسه عن نتائج التشديد عليه حمله على أن حبس جمعاً من مواليه منهم أبو هاشم داود بن القاسم الجعفري قال : حبسنا صالح بن وصيف الأحمر أنا والحسن بن محمد العقيقي ، ومحمد بن إبراهيم العمري ، وفلان وفلان ، ثمّ أدخل علينا أبا محمد الحسن وأخاه جعفر معه! وكان قد أدخل معنا رجلاً من بني جُمح يدّعي أنه علوي!
فالتفت أبو محمد عليهالسلام إلينا وقال : لولا أنّ فيكم من ليس منكم لأعلمتكم متى يُفرَّج عنكم! ثمّ أومأ إلى الجُمحي أن يخرج عنا ، فخرج ، فقال لنا أبو محمد عليهالسلام : هذا الرجل ليس منكم فاحذروه ، وإن في ثيابه قَصّة (قطعة) كتبها للسلطان يخبره بما تقولون فيه.
فقام بعضهم وفتّش ثيابه (المتروكة هناك) فوجد فيها القَصّة (قطعة ورق) يذكرنا فيها بكل عظيمة!
وكان وصيف قد أذن لأبي الحسن أن يأتيه غلامُه بطعامه ، فكان عليهالسلام يصوم ، وعند فطوره نأكل معه من الطعام الذي كان يحمله إليه في جُونة (سلّة) مختومة!
__________________
آل أبي طالب ، فما أقام عنده إلّايوماً حتّى وضع له خدّيه ، فكان لا يرفع بصره إليه إجلالاً وإعظاماً ، وخرج من عنده وهو أحسن الناس بصيرة وقولاً فيه. فهو أحد الرجلين وليس مستقلاً.
(١) أُصول الكافي ١ : ٥١٢ ، الحديث ٢٣ ، باب مولد العسكري عليهالسلام.