وكان مربوعاً حسن الجسم رحب الجبهة ، أشهل العينين قد طوّل لحيته ، عظيم البطن ، وأُمه رومية تسمّى قُرْب (١).
وقيل : إنّ المهتدي كتب إلى كل منهما بقتل الآخر ، وكل منهما أطلع الآخر على الكتاب إليه بذلك ، فلمّا رأيا ذلك تراجعا عن قتال مساور الشاري ، فأما موسى بن بُغا فانصرف إلى ظَهر سامرّاء متحرجاً عن قتال الخليفة المهتدي ، وأما بايكباك فإنه توجّه لقتاله ، فلمّا استشعر المهتدي رجوعهما خرج بعسكره من المغاربة والفراغنة وغيرهم إلى جسر سامرّاء لحرب بايكباك ، فكانت بين المهتدي وبين بايكباك حرب عظيمة قتل فيها خلق كثير من الناس ، وكان بايكباك قد قرّر القائد يارجوج التركي كميناً للمهتدي ، فلمّا استظهر المهتدي بعساكره على بايكباك خرج كمينه على المهتدي فولّى أصحابه ، فدخل سامرّاء مستغيثاً بالعامة يصيح بهم في الأسواق ومعه جمع من أنصاره ، ومضى آيساً إلى دار ابن خيعونة ليختفى فيه!
فهجموا عليه وحملوه منها إلى دار القائد يارجوج ، وقالوا له : ماذا تريد أن تفعل؟
فقال : أُريد أن أحمل الناس على سيرة الرسول و «أهل بيته»! والخلفاء الراشدين (٢).
فقيل له : إنّ الرسول كان مع قوم قد زهدوا في الدنيا ورغبوا في الآخرة ، وأنت إنّما رجالك ما بين تركي وخزري وفرغاني ومغربي من أنواع الأعاجم لا يعلمون ما يجب عليهم من أمر آخرتهم! وإنما غرضهم ما استعجلوه من هذه الدنيا! فكيف تحملهم على ما ذكرت من السيرة؟!
__________________
(١) التنبيه والإشراف : ٣١٧ ، ٣١٨.
(٢) هذه من بوادر استعمال هذا اللقب لهم.