ولمّا رأى موسى ضجة العامة في دار المظالم انصرف عنها إلى دار القائد التركي يارجوج ، وقُدّم إلى المهتدي فرس فركبه فمضوا به إلى تلك الدار فأقام فيها ثلاثاً عند موسى بن بُغا حتى أخذ موسى عليه العهود والمواثيق أن لا يغدر به. وقد اختفى صالح بن وصيف لمّا دخل موسى ، فخاف موسى أن يكون صالح يعمل الحيلة عليهم في اختفائه فبثّ في طلبه العيون حتّى وقع عليه فقاتلهم حتّى قُتل وأُتي برأسه إلى موسى (في صفر عام ٢٥٦ ه) وكان في موسى ديانة وتقشف ولا يشرب النبيذ (١).
قال : وغلظ أمر الشاري (الخارجي) مساور بن عبد الحميد البجلي (مولاهم) ببلاد الموصل وشهزور والجبال وغيرها من البلاد ، ودنا بعسكره من سامرّاء وظهرت معه الأعراب حتّى انقطعت الطرق! فتجهّز موسى بن بُغا للخروج إليه ومعه بايكباك في جيش عظيم ، فلقياه وهزماه وقتلا من أصحابه جماعة. وكتب موسى إلى بايكباك بالفتك بموسى! وتسلم العسكر! فأطلع بايكباك موسى على الكتاب : وسار بايكباك إلى سامرّاء لمواقفة المهتدي على كتابه! فلمّا حضر عنده قبض عليه ، فشغب أصحابه فقتله ورمى برأسه إليهم ، في رجب من هذه السنة (٢٥٦ ه).
وخرج أخو موسى أبو نصر بن بُغا بعسكره الموالي إلى خارج سامرّاء ، فوجّه إليه المهتدي بالأمان فلمّا صار إليه قتله! فتنكّر له الموالي وشغبوا عليه.
فخرج المهتدي لحربهم مع المغاربة والفراغنة والأشروسنية واستنصر العامة ، فهزموهم ، وأسروه وبه ضربات مثخنة ، فقتل لمنتصف شهر رجب سنة (٢٥٦ ه) وله أربعون عاماً.
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ٩٧ ، ٩٨.