وكان أحمد بن إسرائيل بسامرّاء ، وزيراً وكان صالح بن وصيف قد حبسه مع عيسى بن إبراهيم والحسن بن مخلّد من أصحاب الدواوين ، فأخرجهم صالح من الحبس إلى باب العامة ، فهرب ابن مخلّد وضُرب أحمد وعيسى حتى ماتا (رمضان ٢٥٥ ه)! وكان صالح وبايكباك التركيان الغالبين على أُمور المهتدي (وقيل : بل هو من فعل المهتدي).
وتنكّر المهتدي للأتراك وعزم على تقديم الأبناء عليهم ، فأحضر جماعة منهم وضرب أعناقهم ، فاجتمع الأتراك وشغبوا وأظهروا الطعن عليه ، فاستنفر المهتدي العامة عليهم وأباحهم دماءهم وأموالهم ومنازلهم (١).
وقال المسعودي : كان موسى بن بُغا الكبير بالريّ مشغولاً بحرب الحسن بن زيد الحسني وما كان منه ببلاد قزوين والديلم ، فلمّا بلغه ما كان من أمر صالح بن وصيف والأتراك في قتل المعتزّ أنكر ذلك وقفل من تلك الديار إلى سامرّاء.
ولمّا اتصل بالمهدي مسير موسى بن بُغا إلى دار الخلافة أنكر ذلك وكاتبه بالإقامة في عمله بالريّ وأن لا يرحل من مركزه للحاجة إليه هناك ، فأبى موسى إلّا الإسراع في المسير حتى وافى سامرّاء (في المحرم ٢٥٦ ه) فلمّا دنا من سامرّاء أخذت الغوغاء من العامة يهتفون على ابن وصيف : يا فرعون قد جاءك موسى!
فدخل موسى سامرّاء حتّى انتهى إلى مجلس المهتدي وهو جالس للمظالم ، والدار غاصة بخواص الناس وعوامهم ، فدخل أصحاب موسى الدار وجعلوا يُخرجون منها العامة بضرب الدبابيس والطبرزينات! فقام المهتدي منكراً عليهم فعلهم ذلك فلم يُقلعوا.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٥٠٦.