فجئنا به إليه فقال : ابدأ بالصلاة فهيّئوني ، فبسطنا في حجره المنديل ، فأخذ الماء من صيقل فغسل به وجهه وذراعيه مرة مرة ، ثمّ مسح على رأسه وقدميه مسحاً ، ثمّ صلّى صلاة الصبح على فراشه ، وأخذ القدح ليشرب ويده ترتعد فأخذ القدح يضرب ثناياه ، فأخذت صقيل القدح من يده ، ومضى من ساعته ، وذلك لثمان خلون من شهر ربيع الأول سنة ستين ومئتين للهجرة (١).
فلعلّ الخادم عقيد تعقّد هنا عن بيان ما زاد عنه في الخبر السابق عن أبي سهل إسماعيل النوبختي ، للراوي هنا محمد بن الحسين بن عبّاد ، أو تعبّد بالتعمية عن وجود الوليد الوحيد للإمام حينئذ رعاية لواجب التقية والكتمان على وليّ العصر وصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه. كما أغفل أبو سهل أو تساهل في نقل صلاة الإمام عليهالسلام وهذا أكمل النقل بذكرها.
وكون وقت الوفاة في وقت صلاة الصباح لعلّه أشغل أو أغفل المغفّلين المحضَرين لرقابة دار العسكري عليهالسلام في تلك الأيام ، ولعدم علمهم بالوقت بالخصوص مع كتابة الإمام في ليلتها كتباً كثيرة. وقد مرّ الخبر عن إرسال العسكري عليهالسلام لابنه الحجة مع أُمّه السيّدة سليل إلى مكة ، فلابدّ من القول بحضور الحجة حينئذ غيبياً وليس عادياً طبيعياً ، ومعه فعدم إطلاعهم غير بعيد ، إلّافيما يكشف عنه إتماماً للحجة.
وسيأتي في الخبر التالي : أنّ عقيد الخادم خرج من الدار وقال لجعفر الكذاب : يا سيدي قد كُفّن أخوك فقم وصلّ عليه! فإن صح هذا فلعلّه لهذا لم يرَ ما رآه النوبختي فروى ، أو رآه وكتمه؟! والله العالم.
وبعد ذلك أخذوا في تهيئته ، وعُطّلت الأسواق ، وركب بنو هاشم
__________________
(١) كمال الدين : ٤٧٣ ، ٤٧٤ بعد الخبر ٢٥.