وأسرعت أُمه صقيل فأخذت بيده وأخرجته إلى أبيه الحسن عليهماالسلام ، وإذا هو درّي اللون في شعر رأسه قطط ، مفلّج الأسنان إذ سلّم على أبيه. فلمّا رآه الحسن عليهالسلام بكى وقال : يا سيّد أهل بيته ، اسقني الماء (المصطكي) فإني ذاهب إلى ربّي! فأخذ الصبيّ القدح المغلّى بالمصطكي بيده وحرّك شفتيه بشيء ثمّ سقاه ، فلمّا شربه قال : هيئوني للصلاة.
فطرح في حجره منديل ، ثمّ وضّأه الصبيّ على وجهه ويديه مرة مرة ، ثمّ مسح رأسه وقدميه.
فقال له أبو محمد عليهالسلام : «أبشر يا بُنيّ فأنت «صاحب الزمان» وأنت «المهدي» وأنت «حجة الله» على أرضه! وأنت ولدي ووصيي ، أنت «محمد» بن الحسن بن علي بن محمد بن علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهمالسلام.
ولّدك رسول الله صلىاللهعليهوآله ، وأنت خاتم الأوصياء الأئمة الطاهرين ، و (قد) بشّر بك رسول الله صلىاللهعليهوآله وسمّاك (باسمه) وكنّاك (بكنيته) بذلك عهد إليّ أبي عن آبائك الطاهرين ، وصلّى على «أهل البيت» ربنا إنه حميد مجيد» ثمّ مات من وقته صلوات الله عليه وعليهم أجمعين (١).
ونقل الصدوق عن كتاب مصنّف في أخبار التواريخ سمعه من محمد بن الحسين بن عبّاد قال :
ليلة وفاة الحسن العسكري عليهالسلام كانت ليلة جمعة ، وقد كتب بيده كتباً كثيرة إلى المدينة (أو المُدن) وفي يوم الجمعة مع صلاة الصبح ، وعنده الجارية صقيل والخادم عقيد وغيرهما ، فنقل عن عقيد قال : فدعا بماء قد اغلي له بالمصطكي ،
__________________
(١) كتاب الغيبة للطوسي : ٢٧٢ ، ٢٧٣ ، الحديث ٢٣٧.