فقال له بعض من ورد عليه برسالة السلطان : أيها الأمير! أنت في رياستك ومجلسك ليس في خيمتك إلّاسلاحك ومسح أنت عليه! واقترح عليه ما ذكر من الأثاث.
فقال له : إنّ رئيس القوم يأتمّ به أصحابه فيما يظهر من أفعاله وسيرته ، فلو استعملت ما ذكرت من الأثاث ، ائتمّ بي في فعلي مَن في عسكري ، ونحن نقطع في كل يوم من المهامة والمفاوز والأودية والقيعان ، فلا يصلح لنا إلّا التخفيف.
وكان في عسكره خمسة آلاف جمل وعشرة آلاف حمير شهب عُرفت بالصفّارية! لحمل الأثقال (١).
وكان قد ضرب ألف عمود من ذهب وألف عمود من فضّة عُدة للنوائب (بدلاً عن بيوت الأموال والخزائن) وانتخب من أصحابه ألف رجل على اختباره لهم والأثر الظاهر منهم ونكايتهم في حروبهم ، فجعلهم أصحاب أعمدة الذهب ، كل عمود منها فيه ألف مثقال! ثمّ يليهم في البأس والأثر فوج ثان (ألف رجل) هم أصحاب أعمدة الفضة. فإذا كانت الأعياد ، أو الأيام التي يحتاج فيها إلى الاحتفال ومباهاة الأعداء دفع إليهم تلك الأعمدة (٢).
وبلغ من طاعة أتباعه وظهور طاعتهم له : أنه رئي رجل من ذوي المراتب من قوّاده والدرع الحديد على بدنه بلا ثوب عليه! فسُئل عن ذلك فقال : نادى منادي الأمير : البسوا السلاح ، وكنت عرياناً أغتسل من احتلام ، فلبست الدرع بلا تشاغل بالثياب!
__________________
(١) مروج الذهب ٤ : ١١٦ ـ ١١٨.
(٢) مروج الذهب ٤ : ١١٥ ، ١١٦.