٣٢٣٦ ـ وإن رجلا نزل بعلي بن أبي طالب عليهالسلام فمكث عنده أياما ثم تقدم
__________________
الشعراني يدل على وجوب كون القاضي مجتهدا ، إذ كان مقلدا لاحتاج إلى غيره في السؤال ولا يخفى على المتأمل أن التنصيص على جميع الفروع غير ممكن ، وعلم المقلد بجميعها محال ويتفق للقاضي أمور لم يسمع النص عليه من عالم ويجب عليه دائما اعمال النظر في تطبيق الفروع على الأصول والتفحص عن الأدلة ، واكتفى صاحب القوانين وتبعه صاحب الجواهر ـ رحمهماالله ـ بقضاء المقلد وزعم أن من تصدى القضاء في زمن الأئمة عليهمالسلام والنبي صلىاللهعليهوآله لم يكونوا مجتهدين بل كانوا يأخذون الحكم منهم سماعا ويقضون به ، ولا نسلم تصدى غير المجتهد في عصرهم قضاء أصلا ، وكان صاحب القوانين حمل المجتهد على من يحفظ الاصطلاحات الأصولية المتجددة والمجادلات الصناعية وليس ذلك معنى الاجتهاد إذ قد رأى كل أحد جماعة من المهرة في تلك الأمور لا يعتمد عليه في مسألة شرعية من أوضح المسائل أصلا ومن ليس له قدرة على الجدل والمماراة قد يوثق بقوله في الشرع تبحره وانسه بأقوال الفقهاء وأخبار أهل بيت العصمة وتفسير القرآن وسيرة الرسول والمتواتر من عمل المسلمين ودقة نظره وتمييزه بين قرائن الصدق والكذب ومهارته في العربية وفهم مقاصد الكلام العربي والمجتهد هو القادر على استنباط الأحكام من الأدلة وكان هذه القدرة حاصلة لهم ، ولذلك إذا أنصف رجل وقايس بين الشيخ الصدوق أو الكليني ـ رحمهماالله ـ وبين الأصوليين المتأخرين وجد أن النسبة بينهما كالنسبة بين امرء القيس والسكاكي في الشعر والفصاحة ، وقد يتفق لأهل الجدل والمهرة في المغالبة والمماراة وابداء الشبهات أن يذهب بهم دقتهم في بعض الأمور إلى أن يخرجوا من مقتضى الأفكار السليمة ويؤديهم إلى الوسوسة والترديد وعدم الجزم بشئ ، وحصول الشبهات في القرائن الواضحة الموجبة للعلم للذهن السالم ، وهذا أيضا ضار بالاجتهاد ولا يجوز تقليد صاحبه ولا يقبل حكمه ولا ينفذ قضاؤه.
وعندي أوراق مجموعة في أحكام القضاء لم يصرح باسم مؤلفه والظاهر أنه من أفاضل أهل التحقيق قد يستنبط بالتكلف من دقائق الألفاظ معاني لا يمكن أن يعتمد عليها العوام فضلا عن العلماء ، ومما حققه فيها « أن أدلة مشروعية القضاء وما استدلوا عليه من الكتاب والسنة والأخبار الخاصة الواردة في نصب نائب الغيبة لا تدل على جواز اعمال البينات والتحليف والأقارير ونحو ذلك من معينات الموضوعات بل مفادها بيان الحكم الإلهي في الموارد الجزئية. واستنبط ذلك من دخول حرف الباء على الحق والعدل وتقريبه أن القائل « إذا قال : حكمت بالحق أو أحكم بالحق فمعناه أن الحق حق قبل أن يحكم به ، وإذا قضى بالبينة والتحليف فليس