وأنه قد خرس فلا ينطق ، فقال أمير المؤمنين عليهالسلام : إن كان صادقا فقد وجبت له ثلاث ديات النفس ، فقيل له : وكيف يستبين ذلك منه يا أمير المؤمنين حتى نعلم أنه صادق؟ فقال : أما ما ادعاه في عينيه وأنه لا يبصر بهما فإنه يستبين ذلك بأن يقال له : ارفع عينيك إلى عين الشمس فإن كان صحيحا لم يتمالك إلا أن يغمض عينيه (١) وإن كان صادقا لم يبصر بهما وبقيت عيناه مفتوحتين ، وأما ما ادعاه في خياشيمه (٢) وأنه لا يشم رائحة فإنه يستبين ذلك بحراق يدني من أنفه (٣) فإن كان صحيحا وصلت رائحة الحراق إلى دماغه ودمعت عيناه ونحى برأسه (٤) وأما ما ادعاه في لسانه من الخرس وأنه لا ينطق فإنه يستبين (٥) ذلك بإبرة تضرب على لسانه فإن كان ينطق خرج الدم أحمر ، وإن كان لا ينطق خرج الدم أسود ». (٦)
٣٢٥١ ـ وروى سعد بن طريف عن الأصبغ بن نباته قال : « اتي عمر بن الخطاب بجارية فشهد عليها شهود أنها بغت ، وكان من قصتها أنها كانت يتيمة عند رجل وكان للرجل امرأة وكان الرجل كثيرا ما يغيب عن أهله فشبت اليتيمة ، وكانت جميلة فتخوفت
__________________
(١) مفعول « لم يتمالك » محذوف يدل عليه ما سبقه أي لم يتمالك رفع عينيه إلى عين الشمس لأنه حينئذ يغمض عينيه فيكون « أن » مخففة من المثقلة محذوفا عنها حرف الجر ، لا ناصبة ، ويمكن أن يكون « يغمض عينيه » بيانا لقوله عليهالسلام : « لم يتمالك ». ( مراد )
(٢) الخيشوم أقصى الانف.
(٣) الحراق ـ بضم الحاء المهملة ـ والحراقة : ما تقع فيه النار عند القدح ، والعامة تقوله بالتشديد. ( الصحاح ).
(٤) نحى : مال على أحد شقيه ، نحى بصره إليه : أماله.
(٥) في بعض النسخ « يستبرأ » هنا وكذا في المواضع الثلاثة المتقدمة.
(٦) عمل بهذا الخبر بعض الأصحاب ، والأكثر عملوا بالقسامة وحملوه على اللوث. وقال الشهيد ـ رحمهالله ـ في ابطال الشم من المنخرين معا الدية ومن أحدهما خاصة نصفها ، ولو ادعى ذهابه وكذبه الجاني عقيب جناية يمكن زواله بها اعتبر بالروائح الطيبة والخبيثة والروائح الحادة فان تبين حاله وحكم به. ثم احلف القسامة ان لم يظهر بالامتحان وقضى له.