مفتر على الله أقبح الكذب. فنبرأ إلى الله من هذه المقالة ، وممن قال على الله بها.
فبالله (١٨٢) إن الأمر لواضح ، وإن الشبهة في هذه المعرفة لبينة ، وفقنا الله وإياك لأجمل الأقاويل وأحسنها وأليقها بالله ؛ لأن الله سبحانه يقول : (وَلِلَّهِ الْأَسْماءُ الْحُسْنى فَادْعُوهُ بِها) [الأعراف : ١٨٠] ، فالله أحق بكل اسم حسن ، وأبعد من كل اسم قبيح من هذا الخلق الذي يقولون عليه بهذا القول الذي يبرءون أنفسهم منه ويزعمون أنه لو كان منهم كان أكبر الظلم.
وزعم هؤلاء القوم أن محمدا صلىاللهعليهوآلهوسلم بعثه الله ومن قبله من الأنبياء عليهمالسلام يدعون عباد الله إلى عبادة الله ، ولعمري إن ذلك كذلك ، قال الله سبحانه لنبيه صلىاللهعليهوآلهوسلم : (قُلْ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً) [الأعراف : ١٥٨] ، وقال موسى وهارون عليهماالسلام ، لفرعون لعنه الله : (إِنَّا رَسُولا رَبِّكَ) [طه : ٤٧] ، وقال : (وَأَرْسَلْناهُ إِلى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات : ١٤٧] ، معناها : ويزيدون ؛ لأن الله سبحانه لا تخفى عليه خافية ولا تعروه سنة ولا يدخل [عليه] شك ، وهذا في أشعار العرب كثير ، قال الشاعر :
فلو كان البكاء يرد ميتا |
|
بكيت على عمير أو عقاق |
ثم قال مبينا أنه يبكي عليهما جميعا في البيت الثاني :
على المرءين إذ هلكا جميعا |
|
لشأنهما بحزن واحتراق |
فأقام (أو) مقام (الواو). وكذلك قال عزوجل : (إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ) [يس : ١٤].
فإذا كان الأمر على ما قال هؤلاء الظالمون : إن الله تبارك وتعالى قضى على قوم بالمعصية لا يقدرون يعملون غيرها ولا يخرجون منها إلى شيء من الطاعة ولا من أعمال البر ؛ وقضى على آخرين بالطاعة له وبالعمل بما يرضيه لا يقدرون يخرجون من الطاعة إلى
__________________
(١٨٢) في (ب) : فيا لله.