فيأبون حرصا على الشهادة (١) ، والحقّ عموم الآية لجميع الأشخاص والمجالس ، فانّ مورد النزول لا يخصّص العموم.
وقيل : إنّ المراد بالقائل رسول الله صلىاللهعليهوآله ، فانّه كان إذا دخل المسجد يقوم له الناس ، فنهاهم الله عن أن يقوموا له ، وقال : تفسّحوا له في المجالس (٢) .
﴿وَإِذا قِيلَ انْشُزُوا﴾ وقوموا من مكانكم للتوسعة على الوارد ، أو انهضوا من مجلس الرسول ، ولا تطيلوا الجلوس عنده فتملّوه ، أو انهضوا إلى الصلاة والجهاد وغيرهما من الأعمال الخيرية ﴿فَانْشُزُوا﴾ وانهضوا وقوموا طاعة للأمر ، وتواضعا للمؤمنين ، وتوسعة للاخوان ، ومسارعة للخيرات ، إذن ﴿يَرْفَعِ اللهُ﴾ بالنصر وحسن الذكر وكمال النفس في الدنيا والإيواء في غرف الجنان في الآخرة ﴿الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ﴾ بايمانهم وعملهم الصالح ﴿وَ﴾ يرفع ﴿الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ﴾ خاصة لجهة علمهم المقارن للعمل ﴿دَرَجاتٍ﴾ رفيعة عالية في الفضل والإكرام في الدنيا والآخرة مراتب سامية في الروض والرضوان.
ذكر فضيلة العلماء
عن النبي صلىاللهعليهوآله : « بين العالم والعابد مائة درجة ، بين كلّ درجة حضر (٣) الجواد المضمر سبعين سنة » (٤) .
وفي رواية اخرى عنه صلىاللهعليهوآله : « فضل العالم على العابد كفضلي على امّتي » (٥) .
وفي اخرى : « كفضل القمر ليلة البدر على سائر الكواكب » (٦) .
وعنه صلىاللهعليهوآله أيضا : « فضل العالم على الشهيد درجة ، وفضل الشهيد على العابد درجة ، وفضل النبي على العالم درجة ، وفضل القرآن على سائر الكلام كفضل الله على خلقه ، وفضل العالم على سائر الناس كفضلي على أدناهم » (٧) .
وعن الباقر عليهالسلام : « عالم ينتفع بعلمه أفضل من سبعين ألف عابد » (٨) .
ثمّ بالغ سبحانه في الحثّ على الطاعة بقوله : ﴿وَاللهُ﴾ بكلّ شيء ﴿بِما تَعْمَلُونَ﴾ أيّها المؤمنون من امتثال أوامره والانزجار عن معاصيه ﴿خَبِيرٌ﴾ ومطّلع ، فيجازيكم على الطاعة بأفضل الثواب ،
__________________
(١) جوامع الجامع : ٤٨٥ ، تفسير الرازي ٢٩ : ٢٦٩.
(٢) تفسير القمي ٢ : ٣٥٦ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٨ ، وفيهما : فقال : تفسحوا ، أيّ وسّعوا له في المجلس.
(٣) الحضر : عدوّ ذو وثب.
(٤) جوامع الجامع : ٤٨٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٨ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٤.
(٥) تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٤.
(٦) جوامع الجامع : ٤٨٥ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٨ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٤.
(٧) مجمع البيان ٩ : ٣٨٠ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٨.
(٨) الكافي ١ : ٢٥ / ٨ ، تفسير الصافي ٥ : ١٤٨.