ويعذّبكم على عصيانه بأسوء العذاب.
﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً ذلِكَ
خَيْرٌ لَكُمْ وَأَطْهَرُ فَإِنْ لَمْ تَجِدُوا فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ * أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا
بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا وَتابَ اللهُ عَلَيْكُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ
وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ وَاللهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (١٢) و (١٣)﴾
ثمّ لمّا علّم الله المؤمنين ما يتناجون به من البرّ والتقوى ، عظّم الرسول صلىاللهعليهوآله ونجواه بقوله : ﴿يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ناجَيْتُمُ الرَّسُولَ﴾ وكالمتموه سرّا في بعض شؤونكم كما عن بعض (١) ، أو في استفسار حال رؤياكم كما عن آخر (٢)﴿فَقَدِّمُوا﴾ وأعطوا المستحقّين ﴿بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ﴾ وقبلها ﴿صَدَقَةً﴾ ومقدارا ما من المال تقرّبا إلى الله ﴿ذلِكَ﴾ التصدّق ﴿خَيْرٌ لَكُمْ﴾ أيّها المؤمنون في دينكم من تركه ﴿وَأَطْهَرُ﴾ لأنفسكم من رجس المعاصي ودنس البخل.
عن ابن عباس : لمّا أكثر المسلمون السؤال على رسول الله صلىاللهعليهوآله حتى أسأموه وأملّوه ، أراد الله أن يخفّف عن نبيّه صلىاللهعليهوآله فنزلت الآية ، وأمرهم الله بتقديم الصدقة عند نجواه ، فكفّ كثير من الناس عن المناجاة وشحّوا (٣) .
قيل : أراد سبحانه بهذا الأمر تعظيم النبي صلىاللهعليهوآله ، ونفع الفقراء ، والزجر عن الإفراط في السؤال ، وتمييز المخلص عن المنافق ، ومحبّ الآخرة عن محبّ الدنيا ، إذ لم يناجه أحد من أصحابه عشرة أيام إلّا عليّ عليهالسلام (٤) .
أقول : وأراد سبحانه تفضيح أغنياء الصحابة كأبي بكر على ما ادّعاه شيعته من أنّه كان غنيا ، وعمر وعثمان وعبد الرحمن بن عوف وأضرابهم ، وظهور فضيلة أمير المؤمنين وخلوصه في الايمان ، وحبّه للآخرة ومناجاة الرسول صلىاللهعليهوآله.
روى بعض العامة عن علي عليهالسلام أنّه قال : « إنّ في كتاب الله آية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، كان لي دينار فاشتريت به عشرة دراهم ، فكنت إذا ناجيت الرسول صلىاللهعليهوآله تصدّقت بدرهم » (٥) .
__________________
(١) تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٤.
(٢) تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٥.
(٣) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٧١.
(٤) تفسير جوامع الجامع : ٤٨٥.
(٥) تفسير الرازي ٢٩ : ٢٧١ ، تفسير البيضاوي ٢ : ٤٧٦ ، تفسير أبي السعود ٨ : ٢٢١ ، تفسير روح البيان ٩ : ٤٠٥.