بعد أن كانوا مختلفين ، وبنا ألّف الله بين قلوبهم ، وجعلهم إخوانا بعد أن كانوا أعداء ، وبنا هداهم الله إلى الاسلام ، وهو النعمة التي لا تنقطع ، والله سائلهم عن حقّ النعيم الذي أنعم به عليهم ، وهو النبي صلىاللهعليهوآله وعترته عليهمالسلام » (١) .
وفي رواية اخرى أنّه عليهالسلام قال : « بلغني أنّك تفسّر النعيم في هذه الآية بالطعام الطيب والماء البارد في اليوم الصائف ؟ » قال : نعم. قال : « لو دعاك رجل واطعمك طعاما طيبا وسقاك ماء باردا ثم امتن عليك به إلى ما كنت تنصبه ؟ » قال : إلى البخل. قال : « افتبخّل الله تعالى ؟ ! » قال : فما هو ؟ قال : « حبّنا أهل البيت » (٢) .
وعن الرضا عليهالسلام قال : « ليس في الدنيا نعيم حقيقي » فقال له بعض الفقهاء ممّن حضر : يقول الله تعالى : ﴿ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ أما هذا النعيم في الدنيا هو الماء البارد ؟ فقال له الرضا عليهالسلام وعلا صوته : « كذا فسّرتموه أنتم ، وجعلتموه على ضروب ، فقالت طائفة : هو الماء البارد ، وقال غيرهم : هو الطعام الطيب ، وقال آخرون : هو طيب النوم ، ولقد حدّثني أبي عن أبيه أبى عبد الله عليهالسلام أنّ أقوالكم هذه ذكرت عنده في قول الله عزوجل ﴿ثُمَّ لَتُسْئَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ﴾ فغضب وقال : إنّ الله عزوجل لا يسأل عباده عمّا تفضّل عليهم به ، ولا يمنّ بذلك عليهم ، والامتنان بالانعام مستقبح من المخلوقين ، فكيف يضاف إلى الخالق عزوجل ما لا يرضى المخلوقون به ؟ ! ولكن النعيم حبّنا أهل البيت ومولاتنا ، يسال الله عنه بعد التوحيد والنبوة ، لأنّ العبد إذا وفى بذلك أدّاه إلى نعيم الجنة الذي لا يزول»(٣) .
وعن الصادق عليهالسلام - في هذه الآية - قال : « إنّ الله أكرم وأجلّ أن يطعمكم طعاما فسوّغكموه ثمّ يسالكم عنه ، ولكن يسألكم عمّا أنعم عليكم بمحمد وبآل محمد » (٤) .
وعن الباقر عليهالسلام « إنّما يسألكم عمّا أنتم عليه من الحقّ » (٥) .
وعن الصادق عليهالسلام : « ثلاثة لا يحاسب العبد المؤمن عليهم : طعام يأكله ، وثوب يلبسه ، وزوجة صالحة تعاونه ويحصن بها فرجه » (٦) .
وفي رواية قال : « إنّ الله أكرم من أن يسال مؤمنا عن أكله وشربه » (٧) .
__________________
(١) مجمع البيان ١٠ : ٨١٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٠.
(٢) تفسير الصافي ٥ : ٣٧٠ ، بحار الأنوار ١٠ : ٢٢٠.
(٣) عيون أخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٢٩ / ٨ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧٠.
(٤) الكافي ٦ : ٢٨٠ / ٣ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧١.
(٥) الكافي ٦ : ٢٨٠ / ٥ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧١.
(٦) المحاسن ٣٩٩ / ٨٠ ، الكافي ٦ : ٢٨٠ / ٢ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧١.
(٧) المحاسن : ٣٩٩ / ٨١ ، تفسير الصافي ٥ : ٣٧١.