الطلب برضاه بما هو أهله قبل أن ينزع منكم اسمكم وتهونوا عليه كما هانت عليه بنو إسرائيل وقد كانوا أحبّ خلقه إليه! وقد علمتم أنّا لم نزل نسمع أنّ هؤلاء القوم إذا قتل بعضهم بعضاً خرج الأمر من أيديهم! وقد قتلوا صاحبهم (الوليد بن يزيد) فهلمّوا نبايع محمّداً فقد علمتم أنّه «المهدي».
فقالوا : لم يجتمع أصحابنا بعد ، ولسنا نرى أبا عبد الله جعفر بن محمّد!
فقال لهم عبد الله بن الحسن : لا ترسلوا إلى جعفر! فإنّه يفسد عليكم! فأبوا عليه ذلك ، فأرسل إليه فأبى أن يأتي! فقام وقال : أنا آت به الساعة! ولم يذكر الخبر موضع اجتماعهم إلّاأ نّه قال : فخرج بنفسه إلى خباء الفضل بن عبد الرحمن بن العباس بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ، وكان أبو عبد الله جعفر عنده فقام له وصدّره لأنّه أسنّ منه! ثمّ خرج به إلى جمعهم وأوسع له عبد الله إلى جانبه ثمّ قال له : قد علمت ما صنع بنا بنو أُميّة ، وقد رأينا أن نبايع لهذا الفتى!
فقال عليهالسلام : لا تفعلوا فإنّ الأمر لم يأت بعد!
فغضب عبد الله وقال : لقد علمتَ خلاف ما نقول ، ولكنّه يحملك الحسد لابني على خلاف ذلك!
فروى عن المدائني بسنده قال : إنّ جعفراً عليهالسلام قال لعبد الله : والله إنّ هذا الأمر ليس إليك ولا إلى ابنيك. وكان السفّاح والمنصور أمامه فأشار إلى السفّاح وقال : وإنّما هو لهذا ثمّ لهذا ثمّ لولده من بعده ، لا يزال فيهم حتّى يؤمّروا الصبيان ويشاوروا النساء!
فقال عبد الله : يا جعفر! والله ما أطلعك الله على غيبه! وما قلت هذا إلّا حسداً لابني!
فقال : لا والله ما حسدت ابنك ، وإنّ هذا ـ وأشار إلى المنصور ـ يقتله على أحجار الزيت ، ثمّ يقتل أخاه بعده بالطفوف وقوائم فرسه في الماء! ثمّ قام مغضباً يجرّ رداءه. وتفرّق الناس ولم يجتمعوا.