وابتنى الأمين سفينة عظيمة أنفق عليها ثلاثة آلاف ألف (مليون) درهم ، واتّخذ سفينة أُخرى على خلقة شيء يكون في البحر يقال له الدُّلفين ، ونظم أبو نؤاس له شعراً في ذلك.
وكانت هناك نوع من السفن فيها مرامي نيران يُرمى بها العدو ، تسمى الحرّاقة ، فأمر الأمين أن يصنع له خمس حرّاقات في دجلة على هيئة الفرس والأسد والفيل والحية والعُقاب وأنفق في عملها أموالاً عظيمة ، ونظم أبو نؤاس الحسن بن هاني له شعراً في ذلك (١).
وأمر يوماً أن يفرش له على دكة في قصر الخلد ، فبُسط له عليها بساط بلون الزرع ورسمه ، وطُرحت عليه فرش ونمارق مثله ، وهُيّئ له من أواني الذهب والفضة والجوهر شيء عظيم! وأمر قيّمة جواريه أن تهيّئ له مئة من جواريه فيصعدن إليه عشراً عشراً بأيديهن العيدان وهن يغنّين بصوت واحد (٢).
واستعان المأمون بقوّاده :
وانتهت أخبار الأمين هذه إلى المأمون فجمع قوّاده وقال لهم : قد علمتم ما كان قد شرط أبي عليَّ وعلى محمّد ، وقد نكث ونقض العهود ، وأوجد السبُل إلى خلعه بنكثه ونقضه ، وتعرّضه لأموالي وأسبابي وأعمالي ، وتحريقه الشروط والعهود التي عليه ، واستخفافه بحقّ الله فيما نكث من ذلك ، و «اشتغاله بالخصيان».
فاتّفق رأيهم على مراسلته ، فإن رجع وإلّا خلعوه.
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٥٠٨ ـ ٥٠٩.
(٢) تاريخ الطبري ٨ : ٥١٢.