مَكر هرثمة وخطبة أبي السرايا ومصيره :
وصاح هرثمة : يا أهل الكوفة! إن كان قتالكم إيانا كراهة لإمامنا ، وإن أحببتم إخراج الأمر من ولد العباس فانصبوا إمامكم ونتّفق ليوم الاثنين نتناظر فيه! فناداهم أبو السرايا ويحكم إنّ هذه حيلة من هؤلاء «الأعاجم» فاحملوا عليهم! فامتنعوا وقالوا : لا يحلّ لنا قتالهم وقد أجابوا! فعاد بهم إلى الكوفة ، في آخر يوم من عام (١٩٩ ه).
فلمّا كان يوم الجمعة للحادي عشر من محرم سنة (٢٠٠ ه) خطبهم أبو السرايا فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال لهم : يا أهل الكوفة! يا قتلة عليّ ويا خذلة الحسين! إنّ المعتزّ بكم لمغرور وإنّ المعتمد على نصركم لمخذول ، وإنّ الذليل لمن أعززتموه! والله ما حمد علي عليهالسلام أمركم فنحمده ، ولا رضي مذهبكم فنرضى به ، ولقد حكّمكم فحكمتم عليه ، وائتمنكم فخنتم أمانته ووثق بكم فحلتم عن ثقته ؛ ثمّ لم تنفكّوا عليه مختلفين! ولطاعته ناكثين! إن قام قعدتم وإن قعد قمتم ، وإن تقدّم تأخّرتم وإن تأخّر تقدّمتم ، خلافاً عليه وعصياناً لأمره! حتّى سبقت فيكم دعوته فخذلكم الله بخذلانكم إياه! إنّما أنتم كفيء الظل تهزمكم الطبول بأصواتها وتملأ قلوبكم الخِرق «بسوادها» أما والله لأستبدل بكم قوماً يعرفون الله حق معرفته ، ويحفظون محمّداً في «عترته» ثمّ أنشأ يقول شعراً :
ومارست أقطار البلاد فلم أجد |
|
لكم شبهاً فيما وطئت من الأرض! |
خلافاً وجهلاً وانتشار عزيمة |
|
ووهناً وعجزاً في الكريهة والخفض! |
لقد سبقت فيكم إلى الحشر «دعوة» |
|
فلا عنكم راض ، ولا فيكم مرضي! |
سأبعد داري عن قلاً عن دياركم |
|
فذوقوا إذا ولّيت عاقبة البغض! |
فقام جمع منهم وقالوا : لقد صبرنا في ركابك وثبتنا مع لوائك حتّى أفنتنا الوقائع وما بعد فعلنا غاية إلّاالموت ، فامدد يدك نبايعك على الموت لا نرجع