فقدم معن إلى اليمن وقتل منهم قتلاً فاحشاً وأقام بها تسع سنين ، وتوجه عمر هزار مرد إلى الديبل ، وطلب عيينة الصلح فصالحه وبعث به إلى المنصور ، فهرب منهم في الطريق إلى الرُّخج من سجستان ، فقتله قوم من اليمانية وذهبوا برأسه إلى المنصور وأقام عمر هزارمرد بالمنصورة سنتين.
ثمّ ولّى المنصور عليها هشام بن عمرو التغلبي ، فاستخلف عليها أخاه بسطاماً ، وتوجّه بعسكره إلى الملتان ، وخرج إليه صاحبها بعسكره فكانت بينهما وقعة عظيمة وانهزم صاحب ملتان ، فدخلها هشام وسبى منها سبياً كثيراً ، وعمل السفن على نهر السند وحمل عليها عسكره إلى القندهار حتّى فتحها وسبى منها أيضاً ، وهدم صنمهم وبنى بموضعه مسجداً ، وقدم إلى المنصور بما لم يقدم به أحد من السند (١).
وفي هذه السنة وهي سنة (١٤٤ ه) انصرف المهدي من خراسان إلى العراق ، فخرج المنصور لاستقبال ابنه المهدي إلى نهاوند ، ثمّ عاد به إلى الهاشمية ثمّ الكوفة ثمّ الحيرة ، وبها عائلة عمّه السفّاح وابنته ريطة وتزوّجها هناك (٢).
عصر تدوين كتب العلوم :
قال الذهبي : إلى ما قبل هذا العصر كان الأئمة يروون العلم من صحف غير مرتبة ، أو يتكلمون من حفظهم ، وفي سنة (١٤٣ ه) شرع علماء الإسلام بتدوين الحديث والفقه والتفسير : فصنّف ابن جُريح بمكة ، ومالك الموطّأ بالمدينة (وقد مرّ خبره) والأوزاعي بالشام ، وابن أبي عروبة وحمّاد بن سلمة وغيرهما بالبصرة ، ومعمّر باليمن ، وسفيان الثوري وأبو حنيفة بالكوفة.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧١ ـ ٣٧٣.
(٢) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٧٤.