حدّثني أبي عن جدّي قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «احتضر رجل بارّ في جواره رجل عاق ، فقال الله عزوجل لملك الموت : يا ملك الموت كم بقي من أجَل العاق؟ قال : ثلاثون سنة ، قال : حوّلها إلى هذا البار»! (فكأنه كان هذا هو الحديث الذي سمعه المنصور منه سابقاً فرضي الآن به).
فقال للغلام : يا غلام ، ائتيني بالغالية (العِطر الغالي) فأتاه بها ، فجعل يطيّبه بيده ، ثمّ دفع إليه أربعة آلاف! ودعا بدابّته فأتاه بها ، فجعل يقول : قدّم قدّم. إلى أن أتى بها إلى عند سريره فركب جعفر بن محمّد عليهالسلام وعدوت أنا بين يديه فسمعته يحمد الله ويدعو بدعائه ، فطلبت منه الدعاء فقال : ليس هذا موضعه. فلمّا كان العشاء ذهبت إليه فعلّمني الدعاء (١).
ظهور محمّد الحسني بالمدينة :
كان من أعلام المبايعين له عبد الحميد بن جعفر ، وعُبيد الله بن عمر العدوي ، وعبيد الله بن عمر بن أبي ذئب ، واستبطأ هؤلاء خروجه فدخلوا عليه وقالوا له : ما تنتظر للخروج؟! والله ما تجد هذه الامة أحداً أشأم منك عليها! ما يمنعك أن تخرج؟! ولو وحدك (٢)!
وقد مرّ الخبر : أن المنصور بعث أحدثهم سنّاً موسى بن عبد الله من الربذة إلى المدينة ليأتيه بخبر أخويه محمّد وإبراهيم ، وأرسل معه حرساً أمرهم أن يكتبوا إليه بخبرهم ، وكتب إلى رياح بن عثمان المُرّي عامله على المدينة : أن لا سلطان لك على موسى. فأقام موسى شهوراً ، فكتب رياح المُرّي إلى المنصور :
__________________
(١) مهج الدعوات : ١٩٢ مسنداً ، وعدّها المرة الرابعة لإحضار المنصور الإمام عليهالسلام.
(٢) مقاتل الطالبيين : ١٧٦ و ١٨٨.