جنود بغداد إلى الكوفة ثانية :
تسيّب ابن المسيّب حتّى استتر في بغداد ، وبلغ خبره إلى الحسن بن سهل فأمر بإحضاره ، وادخل عليه وبيده عمود حديد فلمّا رآه رماه به فشتر عينه وأمر بقتله فشفعوا له حتّى عفى عنه.
ثمّ دعا الحسن عبدوس بن عبد الصمد وضمّ إليه ألف فارس وثلاثة آلاف راجل فحلف له أن يبيح الكوفة ويقتل مقاتليها ويسبى ذراريها ثلاثاً! وأمره الحسن أن لا يأخذ على الطريق الذي انهزم فيه ابن المسيّب ، لئلّا يرى أصحابه بقايا قتلى عسكره فيجبنوا من ذلك ، فأخذ الطريق الجامع.
وبلغ خبره إلى أبي السرايا ، فصلّى الظهر ثمّ جرّد من يثق به من فرسانه وأغذّ السير بهم حتّى قرب من الطريق الجامع ، فوقف وفرّق أصحابه ثلاث فرق : فهو في جانب السوق وغلامه سيّار على الطريق الجامع وغلامه أبو الهرماس على طريق القُريّة ، وجعل شعارهم : يا فاطمي يا منصور! وليحملوا دفعة واحدة من جوانب عسكر عبدوس.
ففعلوا ذلك وقتلوا منهم مقتلة عظيمة وجعل الجُند يتهافتون في الفرات طلباً للنجاة فغرق كثير منهم والفصل شتاء. ولقى أبو السرايا عبدوس فكشف خوذته عن رأسه وصاح : أنا أبو السرايا وحمل عليه ، فولّى عبدوس وتبعه أبو السرايا حتّى ضربه على رأسه وخرّ عن فرسه صريعاً! وانهزم الجمع وولّوا الدبر. وانتهبوا عسكر عبدوس فأصابوا منهم غنيمة عظيمة ، وانصرفوا إلى الكوفة بأسلحة وقوة.
وبلغ خبرهم إلى ابن طباطبا بالكوفة وهو طريح فراش الموت ، ودخل عليه أبو السرايا فقال له ابن طباطبا : أنا أبرأ إلى الله مما فعلت! فما كان لك أن تبيّتهم ولا نقاتلهم حتّى تدعوهم! وما كان لك أن تأخذ من معسكرهم إلّاما أجلبوا به من السلاح علينا.