مع من اختبرناه وعرفنا سيرته. فقال واصل : والله لو لم يكن في محمّد بن عبد الله أمر يدل على فضله إلّاأن أباه عبد الله بن الحسن قد رآه أهلاً لهذا الأمر وقدّمه فيه على نفسه ، في سنّه وفضله وموضعه ، لكان يستحق ذلك ، فكيف بحال محمّد في نفسه وفضله!
ثمّ خرج هذان وجماعة من معتزلة البصرة معهما إلى موسم الحج فأتوا إلى عبد الله بن الحسن في السويقة ، فسألوه أن يخرج لهم ابنه محمّداً ليكلّموه. فضرب عبد الله لهم فسطاطاً ، وشاور ثقاته فاجتمعوا على أن يخرج إليهم أخاه إبراهيم ، فأخرجه إليهم وعليه ريطتان وبيده عُكازة حتّى أوقفه عليهم ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثمّ ذكر أخاه محمّداً وحاله ودعاهم إلى بيعته.
فقالوا : اللهمّ انا نرضى برجل هذا رسوله! فبايعوه ثمّ انصرفوا إلى البصرة (١).
فيظهر من هذا الخبر أن ذلك كان بعد الموسم ، فلمّا وصلوا إلى مرّان مات عمرو بن عبيد! وهذا الخبر يفسّر لنا سوابق معتزلة البصرة لاستقبال إبراهيم الحسني داعية لأخيه محمّد. ويظهر منه أيضاً تواصل واصل لهذه الدعوة من قبل ، ومدى أثره في عمرو ، وأ نّه كان أكثر أثراً من كلام هشام بن الحكم مع عمرو في الإمامة قبل هذا ، كما يلي :
كلام هشام وعمرو بن عُبيد :
مرّ الخبر عن حج الإمام الصادق عليهالسلام ، وأ نّه قبل المواقف كان يضرب له خيمة صغيرة بسفح جبل في طرف الحرم ، واجتمع عنده من أصحابه حُمران بن
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ١٩٦.