أعين مولى شيبان ومؤمن الطاق محمّد بن علي وهشام بن سالم الجواليقي وحمزة الطيّار مولى فزارة وجماعة فيهم هشام بن الحكم مولى كندة وهو شاب ، وسمع شامي بصيت علم الصادق عليهالسلام فجاءه يناظره فأجلسه الإمام ، وقال لهشام : يا هشام! قال : لبيّك يابن رسول الله. قال : ألا تخبرني كيف صنعت بعمرو بن عُبيد وكيف سألته؟
فقال هشام : إني اجلّك واستحيي منك فلا يعمل لساني بين يديك!
قال الصادق عليهالسلام : إذا أمرتكم بشيء فافعلوه. فقال هشام : نعم ، بلغني ما كان فيه عمرو بن عُبيد وجلوسه في مسجد البصرة ، وعظم ذلك عليّ! فخرجت إليه حتّى دخلت البصرة يوم الجمعة ، وأتيت مسجد البصرة فإذا أنا بحلقة كبيرة حول عمرو بن عُبيد وهم يسألونه وعليه شملة صوف سوداء مئتزراً بها (فلعلّها رسمية عباسية) وشملة هو مرتد بها. فقعدت في آخر القوم.
ثمّ جثوت على ركبتي وقلت : أيها العالم! أنا رجل غريب فأذن لي أن أسألك مسألة. قال : نعم. قلت له : ألك عين؟ قال : يا بُني! أي شيء هذا من سؤال؟ قلت : هكذا مسألتي. قال : يا بني سل وإن كانت مسألتك حمقاء! قلت : أجبني فيها. قال : نعم. قلت : فما ترى بها؟ قال : الأشخاص والألوان. قلت : فلك أنف؟ قال : نعم. قلت : فما تصنع به؟ قال : أشمّ به الرائحة ، قلت : فلك فم؟ قال : نعم. قلت : فما تصنع به؟ قال : أذوق به الطعم. قلت : ألك قلب؟ قال : نعم. قلت : فما تصنع به؟ قال : اميّز به كل ما ورد على هذه الجوارح. قلت : أليس في هذه الجوارح غنى عن القلب؟ قال : لا. قلت : وكيف ذلك وهي صحيحة سليمة؟ قال : يا بني ، الجوارح إذا شكّت في شيء رأته أو ذاقته أو شمّته ، ردّته إلى القلب فيتيقّن اليقين ويبطل الشك. قلت وإنّما أقام الله القلب لرفع شك الجوارح؟ قال : نعم. قلت : فلابدّ من القلب وإلّا لم تستيقن الجوارح؟ قال : نعم.