فلعلّه بعد هذا وفّى بوعده للإمام عليهالسلام أن لا يدعوه لغير شغل! فعاد إلى بلاده المدينة ، وإن كان الخبر أبتر عن ذكر ذلك. والغريب خلوّ الخبر عن ذكر الربيع الحاجب ، ولم يكن حضوره في الخبر السابق آخر حضور ، بل آخره ما يأتي في الخبر التالي في حج المنصور لموسم عام (١٤٧ ه) بالمدينة.
آخر لقاء المنصور بالإمام بالمدينة :
رواه الكنجي الشافعي بسنده عن الحسن بن الفضل عن أخيه عبيد الله بن الفضل عن أبيه الفضل بن الربيع عن أبيه الربيع بن يونس الحاجب : أن المنصور حجّ سنة (١٤٧ ه) فقدم المدينة (أي قبل الحج) فقال : ابعث إلى جعفر بن محمّد من يأتيني به (فهو لا يأتيه!) فأمسك عنه رجاء أن ينساه ، فأغلظ عليه في الثانية فجاء به إلى بابه ودخل عليه وقال له : جعفر بن محمّد بالباب يا أمير المؤمنين! قال : ائذن له. فأذن له فدخل وقال : السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله وبركاته! فقال : لا سلّم الله عليك يا عدوّ الله! تلحد في سلطاني! وتبغيني الغوائل في ملكي! قتلني الله إن لم أقتلك!
قال جعفر عليهالسلام : يا أمير المؤمنين! إنّ سليمان اعطي فشكر ، وإنّ أيوب ابتلي فصبر ، وإنّ يوسف ظلم فغفر ، وأنت من ذلك السنخ!
فنكس رأسه طويلاً ثمّ رفعه وقال : إليّ وعندي ـ يا أبا عبد الله ـ البريء الساحة ، السليم الناحية ، القليل الغائلة ، جزاك الله من ذي رحم أفضل ما يجزي ذوي الأرحام عن أرحامهم! ثمّ تناوله بيده حتّى أجلسه معه على مفرشه ثمّ قال : يا غلام عليَّ بالمتحِفة ـ وهي مدهن كبير فيه الغالية ـ فاتي به فاخذ يعطّره حتّى قطرت من لحيته ، ثمّ قال : يا ربيع ، ألحق أبا عبد الله جائزته وكسوته ، ثمّ قال : في حفظ الله وكلاءته ، فانصرف الصادق عليهالسلام.