فقلت له : يا أبا مروان! إن الله لم يترك جوارحك حتّى جعل لها إماماً يصحّح لها الصحيح ويتيقّن لها ما شكّت فيه ، ويترك هذا الخلق كلهم في حيرتهم وشكّهم واختلافاتهم لا يقيم لهم إماماً يردّون إليه شكّهم وحيرتهم ، ويقيم لك إماماً لجوارحك تردّ إليه حيرتك وشكّك؟!
فسكت هنيهة ثمّ التفت إليّ وقال لي : أنت هشام؟ قلت : لا! قال : أجالسته؟ قلت : لا. قال : فمن أين أنت؟ قلت : من الكوفة. قال : إذن فأنت هو! ثمّ دعاني إليه حتّى أضمّني إليه وأقعدني في مجلسه! وما نطق حتّى قمت.
فضحك الصادق عليهالسلام ثمّ قال : يا هشام ، مَن علّمك هذا؟ قلت : يابن رسول الله هو شيء جرى على لساني! فقال : يا هشام ، هذا مكتوب ـ والله ـ في صحف إبراهيم وموسى (١).
ومن حوادث سنة (١٤٤ ه) حجّ المنصور وقبضه على آل الحسن وكبيرهم عبد الله بن الحسن ، وله أخبار مع الصادق عليهالسلام قبل ذلك ، فإليها :
عبد الله بن الحسن والصادق عليهالسلام :
روى الحلبي عن عبد الرحمن بن كثير الكوفي القرشي قال : نظر الصادق عليهالسلام إلى رجل قصده فقال له : يا هذا ، إنك دخلت مدينتنا هذه تسأل عن الإمام ، فاستقبلك فتية من ولد الحسن عليهالسلام فأرشدوك إلى عبد الله بن الحسن ، فسألته هنيهة ثمّ خرجت. ثمّ استقبلك فتية من ولد الحسين عليهالسلام فقالوا لك : يا هذا إن رأيت أن تلقى جعفر بن محمّد فافعل. فقال : كان كما ذكرت. قال : فارجع إلى عبد الله بن الحسن فاسأله عن عمامة رسول الله ودرعه. فذهب الرجل.
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ٢٧١ ـ ٢٧٣ ، الحديث ٤٩٠ ، ومنه الحديث : ٤٩٤.