فلمّا كان العشيّ (العصر) عبّأهم يوسف ثمّ سرّحهم نحو زيد ، فأقبلوا حتّى التقوا ، فحمل عليهم زيد فكشفهم ، ثمّ تبعهم حتّى أخرجهم إلى السبخة ، ثمّ شدّ عليهم حتّى أخرجهم من بني سليم فأخذوا على المسنّاة (لسدّ السيول) فلمّا صاروا بين بارق وبين رؤاس خرج عليهم زيد بأصحابه فقاتلوهم قتالاً شديداً.
وخرج منهم رجل كلبيّ من الشام على فرس ثمّ على بغلة ، فلم يزل يشتم فاطمة ابنة رسول الله صلىاللهعليهوآله! فبكى زيد حتّى ابتلّت لحيته وقال : أما أحد يغضب لفاطمة بنت رسول الله؟ أما أحد يغضب لرسول الله؟ أما أحد يغضب لله؟! فاستتر له الراوي سعيد بن خيثم العبدي خلف النظّارة الواقفين حتّى صار وراء الكلبي الشامي فضرب عنقه فوقع رأسه ، وأخذ الراوي بغلته إلى زيد فنفّله زيد إياها وقال له : أدركت ثأرنا ، فوالله أدركت شرف الدنيا والآخرة وذخرها!
وقاتل معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري يومئذ قتالاً شديداً بين يدي زيد حتّى قتل بين يديه. ففقد زيد عضده الثاني.
وبعث العباس المُرّي إلى يوسف الثقفي يشكو إليه ما يلقى الشاميون معه من أصحاب زيد ، ويسأله أن يبعث إليه بالرّجالة الرّماة بالنُشّاب (الثلاثمئة) فبعثهم إليه مع سليمان بن كيسان ، فجعلوا يرمون زيداً وأصحابه ، وثبت لهم زيد في أصحابه (١).
مصرع زيد ومقتله ومدفنه :
روى الأموي الزيدي بطرقه الثلاثة قال : لمّا كان عند جنح الليل جاء سهم فأصاب جانب جبهته اليسرى ، فنفذ إلى الدماغ ، فتراجع زيد وتراجع معه
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٩٥ ـ ٩٦ ، وتاريخ الطبري ٧ : ١٨٥ ـ ١٨٦ ولم يلمّ بخبر شتم الزهراء عليهاالسلام.