جنود بغداد إلى الكوفة :
لما وصل الفضل العباسيّ عامل الكوفة منكفئاً إلى الحسن بن سهل ببغداد ، دعا الحسن زهير بن المسيّب وندبه إلى المسير نحو أبي السرايا وضمّ إليه الرجال وأمده بالأموال ، وأن يودّعه فوراً ويمضي لوجهه ولا ينزل إلّابالكوفة! فسار ابن المسيّب ومعه ابنه أزهر حتّى ورد قصر ابن هُبيرة فنزل به ، وأخرج له مقدمة وجّهها مع ابنه أزهر حتّى نزل سوق أسد.
ووصل الخبر إلى أبي السرايا فخرج من الكوفة بالفوارس من أصحابه عصراً حتّى وصل ليلاً إلى معسكر أزهر بسوق أسد وهم غارّون آمنون فبيَّتَهم وطحنهم وأكثر القتل فيهم ، وانقطع الباقون في الليل منهزمين حتّى وافوا زهيراً بقصر ابن هبيرة. وغنم أبو السرايا أسلحتهم ودوابهم وعاد إلى الكوفة.
وكأن الخبر وصل إلى بغداد فوافت خريطة من جند الحسن إلى ابن المسيّب يأمره أن لا ينزل إلّابالكوفة. فزحف زهير ومضى حتّى نزل قبل القنطرة في عشية باردة.
ووصل خبره إلى الكوفة ونادى أبو السرايا في الناس بالخروج ، فخرجوا حتّى صادفوا زهيراً على قنطرة الكوفة ، فنزلوا وباتوا يوقدون النيران يستدفئون بها ، ويتحارسون طول ليلتهم حتّى أصبحوا.
فلمّا أصبح ابن المسيّب نهد إليهم بعسكره ، وأصوات الطبول والبوقات مثل الرعد العاصف وهم على تعبئة حسنة من الدروع والبيض والجواشن وحلف زهير أن لا يتغدى إلّافي المسجد الجامع بالكوفة! وأبو السرايا يسكّن من معه ويحثهم.
وكان مع أهل الكوفة الحسن بن هذيل الزيدي من أصحاب الحسين الحسني قتيل فخّ ، فأخذ يمرّ عليهم ناحية فناحية ويناديهم : يا معشر «الزيدية» السعيد من حاط دينه والرشيد من وفى لله بعهده وحفظ محمّداً في «عترته» ونحو هذا.