ثمّ رحل المنصور إلى بغداد (١).
وممن سمع منه وروى سليمان بن مِهران الأعمش مولى بني أسد في الكوفة ، سمع من مالك في واسط ومكة نحواً من خمسين حديثاً ، ولم يسمع مالك منه إلّاحروفاً معدودة ، كما عن «الأنساب» للسمعاني (٢) ومات سليمان سنة (١٤٨ ه) (٣) فهنا نقف على طرف من أخباره.
سليمان الأعمش والكوفي :
أبوه مِهران كان من سبي دماوند ، وذكروا أنّه كان ممن حضر معركة كربلاء مع مواليه بني أسد ، وولد ابنه سليمان يوم عاشوراء ، فعمره عند وفاته ٨٨ عاماً قرأ القرآن على يحيى بن وثّاب فكان لا يلحن ولا في حرف واحد فكان يقرئ القرآن ، رأساً فيه ، وروي عن شعبة قوله : إن الأعمش أحبّ إليّ من عاصم! يعني عاصم بن أبي النجود الكوفي الاصفهاني في القراءة! وختم عليه القرآن أبان بن تغلب النحوي ، وأبو عبيدة من أحفاد عبد الله بن مسعود ، وطلحة بن مصرف اليامي من فقهاء الكوفة. وكان هو عالماً بالفرائص : ولم يكن في زمانه من طبقته أكثر حديثاً منه ، بل كان محدّث أهل الكوفة في عصره حتّى يقال انه ظهر له أربعة آلاف حديث ، بلا كتاب! وكان يتشيع ، وقالوا : كان يسمّى المصحف ، لصدقه ، وجرير يقول فيه : الديباج الخسرواني! ثقة به (٤).
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٧٢ ، ٧٤. وهذا يؤيد أن لقاءه بالإمام عليهالسلام بالمدينة كان قبل الحج كما مر.
(٢) قاموس الرجال ٥ : ٢٩٩ برقم ٣٤١٤.
(٣) تاريخ خليفة : ٢٧٨ ، والمعارف لابن قتيبة : ٤٩٠.
(٤) عن تاريخ بغداد ٩ : ٣ ـ ١٣.