ويظهر من خبر آخر أن بعض أصحاب الصادق عليهالسلام كان يجاهر بما هو عليه ، ذلك ما رواه الكشي عن زرارة بن أعين بن سنسن الرومي أنّه التحق في (مسجد) المدينة بحلقة مذاكرة فيها ربيعة الرأي وحضرها عبد الله بن محمّد الباقر عليهالسلام وكان يعرف زرارة من فقهاء أصحاب أخيه الصادق عليهالسلام فقال له : يا زرارة ؛ سل ربيعة عن شيء مما اختلفتم! فقال : إنّ «الكلام» يورث الضغائن! وسمعه ربيعة الرأي فقال له : سل يا زرارة! قال : فقلت : بِمَ كان رسول الله يضرب في الخمر؟ قال : بالنعل وجريد النخل! فقلت : لو أن رجلاً شارب خمر أُخذ وقدّم إلى الحاكم ما كان (يحكم) عليه؟ قال : يضربه بالسوط وذلك لأنّ عمر ضرب بالسوط!
فتكلم عبد الله بن محمّد الباقر قال : يا سبحان الله يضرب رسول الله بالجريد ويضرب عمر بالسوط ، فيُترك ما فَعل رسول الله ويؤخذ ما فعل عمر (١)؟!
واستخلف المنصور وخالفه عمّه عبد الله :
مرّ خبر اليعقوبي في وصية السفّاح بعهده إلى عمّه عيسى بن علي العباسي حيث كان المنصور أخوه ووليّ عهده في الحج ، فأخذ له عيسى البيعة على من حضر بالأنبار من العباسيين والقواد. ثمّ أرسل إليه بعهده مع محمّد بن الحصين العبدي. وكان المنصور راجعاً فوافاه بعد وفاة أخيه السفاح بأُسبوعين (في أواخر ذي الحجة) في منزل يقال له زكية ، فقال المنصور : يزكو أمرنا إن شاء الله! ثمّ دعا من معه إلى بيعته في المنزل التالي : صفية ، وقال : يصفو لنا أمرنا ، وأسرع سيره (٢).
__________________
(١) اختيار معرفة الرجال : ١٥٣ ، الحاديث ٢٤٩.
(٢) تاريخ اليعقوبى ٢ : ٣٦٤.