وقد روى الراوندي في «الخرائج والجرائح» خبراً مرسلاً عن الصادق عليهالسلام أيضاً : أن عالم النصارى واجتماعهم عليه كان على باب دَير عظيم في مَدين في طريقهم إلى الشام ، وهناك كانت مسائله من الإمام الباقر وجوابه له ، فأسلم على يديه! ثمّ ارتحلوا إلى الشام ، فلمّا عادوا وأغلقوا دونهم باب القلعة ، فاخبر الشيخ الراهب المسلم بذلك فحمل إلى الإمام طعاماً كثيراً مخالفاً أمر الوالي ، فأمر الوالي بتقييد الشيخ فقيّدوه ليحملوه إلى الشام. قال الصادق عليهالسلام : فاغتممت وبكيت ، فقال والدي : لا بأس بالشيخ فإنّه يُتوفّى في أوّل منزل ينزله (١).
وهذا أولى وأقرب وأنسب أن يكون هذا اللقاء عند دَير في مَدين وليس في ميدان بباب قصر هشام بدمشق الشام. ولم يُعهد مثل ذلك هنالك في أيّ خبر آخر ، ولا في سفح جبل بدمشق بلا ذكر لدير أو كنيسة هناك ، كما في خبر آخر.
هذا ابن أبي تراب :
كان النبي صلىاللهعليهوآله في غزوة ورأى علياً عليهالسلام نائماً على التراب وقد تترّب وجهه ، فناداه : قُم يا أبا تراب ، رفقاً ولطفاً به. إلّاأنّ أنداده ولا سيّما معاوية بن أبي سفيان اتّخذوا ذلك كنايةَ إهانة أو توهين ، وبها عُرف فيهم وفي أتباعهم وأشياعهم وأوليائهم.
وقد مرّ الخبر أنّ عمر بن عبد العزيز عزّ عليه ذلك خلافاً لسنة رسول الله صلىاللهعليهوآله فمنع عن سبّ عليّ بن أبي طالب وطالبهم بالكفّ عن مثل ذلك.
ولكن مرّ الخبر آنفاً قُبيل هذا عن الطبري الإمامي عن الصادق عليهالسلام : أنّ هشاماً أوعز إلى المدن ولا سيّما إلى مَدين : أنّ ابني أبي تراب الكذّابين ...
__________________
(١) الخرائج والجرائح ١ : ٢٩١ ـ ٢٩٣.