آذربايجان وأرمينية والخزر :
كان على شُرَط السفّاح عبد الجبار بن عبد الرحمن الأزدي (١) في سنة (١٤٠ ه) ولّاه المنصور على خراسان فبلغه أنّه جعل يتتبّع شيعتهم حتّى قتل منهم مقتلة عظيمة ، فوجّه المنصور بابنه المهدي إلى الريّ سنة (١٤١ ه) واستعمل على خراسان اسيد بن عبد الله الخزاعي ووجّه معه بالجيوش فالتقوا في مرو ، فهزم عسكر الأزدي وهرب فأسره وأرسله إلى المنصور فقتله وصلبه.
وولّى المنصور آذربايجان يزيد بن حاتم المهلّبي البصري فكان أول من نقل قومه اليمانية من البصرة إلى آذربايجان ، فأنزل الروّاد الأزدي في تبريز ومرّ بن علي الطائي في نيريز ، وفرّق قبائل اليمن. وولّى المنصور أرمينية يزيد بن اسيد السُلمي ، فكتب إليه يعلمه أن رأس طرخان ملك الخزر قد أقبل إليه في خلق عظيم! فوجّه إليه المنصور جبرئيل بن يحيى البجلي في عشرين ألفاً من أهل الشام والجزيرة والموصل ، فواقع الخزر وانهزم إلى خِرس ، وانتهى الخبر إلى المنصور فأخرج سبعة آلاف من أهل السجون ، وبعث فجمع من كل بلد خلقاً عظيماً معهم بنّاءون فبنوا مدن : كمخ والمحمدية وباب واق وعدّة مدن اخرى جعلها ردءاً للمسلمين وأنزل بها المقاتلين ، فقوي المسلمون بتلك المدن وأقاموا بالبلاد ساكنين وردّوا المحاربين.
ثمّ وجّه المنصور بالحسن بن قحطبة الطائي عاملاً على أرمينية ، فتحركت عليه الصَنّارية بها ، فكتب إلى المنصور بخبرهم وكثرتهم ، فوجّه إليه عامر بن إسماعيل الحارثي في عشرين ألفاً ، فأقام يحاربهم أياماً حتّى رزقهم الله الظفر عليهم ، فقتلوا منهم في يوم واحد ستة عشر ألف إنسان ، وانصرف بالأسرى إلى تفليس فقتلهم ، فولّى المنصور مولاه واضح على أرمينية فأقام بها.
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٧٢.