وجاءه بذلك قوم من أشراف قريش وخيار بني امية! فاتّهم نفراً منهم بالخلع والخروج وحوّلهم على عمّه محمّد بن مروان فأسكنهم السجون عشرين شهراً حتّى سمّهم فماتوا جميعاً! ومعهم ثلاثون رجلاً من سائر قريش أغرمهم مئة ألف ألف (مليون!) وباع لذلك أموالهم ورباعهم حتّى صيّرهم عالة يتكفّفون الناس متفرّقين في كور الشام وآفاق البلاد! وجملة من الناس ممن كان يألف هؤلاء القوم اتهمهم بمصاحبتهم ومصانعتهم فصلب جملة منهم (١) ممّا يورث اتّهامه بأ نّه إنّما تظاهر بسيرة عمر ليستظهر من هؤلاء بواطنهم فيؤاخذهم بها ويعاقبهم عليها!
وطبيعي أنّ ذلك كان بعد أن عزل جميع عمّال عمر وكتب إليهم : أمّا بعد فإنّ عمر بن عبد العزيز كان مغروراً! فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده ، وأعيدوا الناس إلى طبقتهم الأُولى! (فاستخرِجوا الخراج) أخصبوا أم أجدبوا! أحبّوا أم كرهوا! حيوا أم ماتوا (٢) ولعامله على اليمن : خذها منهم ولو صاروا حرضاً (هالكين) والسلام (٣).
وانتقم من ابن حزم :
مرّ الخبر : أن سليمان كان أكولاً ولم يُعرف بشرب الخمور ، وأن عامله على المدينة عثمان بن حيّان المُرّي كان قد شرب الخمر فقرف على عبد الله بن عمرو بن عثمان ، فشكاه إلى سليمان ، فعزله واستعمل أبا بكر بن محمّد بن حزم الأنصاري فضربه حدَّين للخمر وللقرف (٤) وكأنّ عثمان المُرّي شكاه إلى يزيد بن
__________________
(١) الإمامة والسياسة ٢ : ١٢٤ ـ ١٢٥.
(٢) العقد الفريد ٣ : ١٨٠.
(٣) الكامل في التاريخ ٥ : ٢٢.
(٤) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٢٩٤.