صاحب لهو وقصف ، وأسمعوه غناء حَبابة المغنّية الشهيرة فشغف بها حتّى اشتراها بأربعة آلاف دينار! فلمّا بلغ ذلك إلى سليمان قال : لقد هممت أن أحجر على يزيد! وسمع بذلك يزيد وهو يريد استمالته فردّها (١) ومع ذلك عهد إليه بعد عمر.
ومع ذلك وصفه ابن قتيبة : أنّه كان محبوباً في قريش بجميل مأخذه في نفسه وهديه وتواضعه! وقصده! فكان الناس لا يشكّون في أنّه إذا صار الأمر إليه أن يسير بسيرة عمر.
وكان قوم من أشراف قريش وخيار بني امية! بعد الإنكار لسيرة عمر والنفار منها قد سكنت قلوبهم إلى هديه واطمأنت إلى عدله ، وعادت قلوبهم إلى الرضا بأمره والقنوع بقصده فيهم ، وتقصيره في إدراك العطايا والمطامع عليهم (٢).
أضف إلى ذلك ما مرّ من خبر خروج شوذب الشاكري بثمانين فارساً من ربيعة الكوفة إلى جوخى ثمّ الجزيرة ، واعتراضهم على عمر في تقريره لعهد يزيد ، فلعله لذلك اشير عليه بالتظاهر بسيرة عمر ، فلمّا مات عمر وصلّى عليه يزيد قال : والله ما عمر بأحوج إلى الله منّي! سيروا بسيرة عمر! فأقام أربعين يوماً يسير بسيرة عمر ، ثمّ أعاد تاريخُ شهادةِ الزور بالبصرة نفسَه فأقام له الأمويون أربعين شيخاً شهدوا له : ما على الخلفاء عذاب بل ولا حساب (٣) وكان كلامهم هذا موافقاً لهواه فانخدع بهم وانهمك في اللذات والطرب ، ولم يراقب (٤).
وقال ابن قتيبة : حال عمّا كان يُظنّ به وسار بسيرة أخويه الوليد وسليمان وأخذ مأخذه واحتذى مثاله حتّى كأ نّه لم يمت الوليد بعد ، فعظم ذلك على الناس ،
__________________
(١) مختصر تاريخ الدول لابن العبري الملطي : ١١٥.
(٢) الإمامة والسياسة ٢ : ١٢٤.
(٣) تاريخ الخلفاء للسيوطي : ٢٩٤ ، وقبله ابن كثير ٩ : ٢٣٢.
(٤) سمط النجوم العوالي ٣ : ٢٠٩ ، وانظر الإمام الصادق لأسد حيدر ١ : ١٦٨.