أسرع شيء إلى مثله». فأقبل يوسف على زيد وقال له : إنّ أمير المؤمنين! أمرني أن اخرجك من الكوفة ساعة قدومك! قال : فأستريح ثلاثاً؟ قال : ما إلى ذلك سبيل! قال : فيومي هذا؟! قال : ولا ساعة واحدة! فأرسل معه رسلاً أخرجوه وتمثّل يقول :
منخرق الخُفّين يشكو الوجأ |
|
تنكبه أطراف مرو حِداد |
شرّده الخوف وأزرى به |
|
كذاك من يكره حرّ الجِلاد |
قد كان في الموت له راحة |
|
والموت حتم في رقاب العباد |
فبلغ رسل يوسف بزيد إلى عُذيب الهجانات ثمّ انصرفوا (١).
وعاد إلى البلاد :
ولحقه قوم من «الشيعة» فقالوا له : إنّا نرجو أن تكون المنصور! وأن يكون هذا الزمان زمان هلاك بني أُمية! فاطّلع على أمره داود بن علي فقال له : يا أبا الحسين : إنّ أهل الكوفة أصحاب عليّ وأصحاب الحسين ، فاحذرهم! وصدّقه محمّد بن عمر بن علي فلم يقبل (٢).
وقال لهما : اعزلوا متاعي عن متاعكم ، وذلك بالقادسية. فقال له محمّد بن عمر : ما تريد؟ قال : أُريد أن أرجع إلى الكوفة ، فوالله لو علمت أنّ رضا الله «عزوجل» عنّي في أن أقدح ناراً بيدي حتّى إذا اضطرمت رميت نفسي فيها لفعلت! وما أعلم شيئاً أرضى لله «عزوجل» عنّي من جهاد بني امية (٣)! فرجع معهم إلى الكوفة ومعه ابنه يحيى ، ورجع من معه إلى المدينة.
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٣٢٥ ـ ٣٢٦.
(٢) أنساب الأشراف ٤ : ٢٤٤ ، الحديث ٢٤٦.
(٣) تيسير المطالب : ١٠٨ ـ ١٠٩ ، الباب ٧.