مصير محمّد بن جعفر العلوي :
خرج محمّد بن جعفر إلى بلاد جُهينة على الساحل ، وأقام حتّى انقضى موسم الحج لعام (٢٠٠ ه) وهو يجمع الجموع. وكان والي المدينة يومئذ هارون بن المسيّب ، فلمّا علم بموضع محمّد بن جعفر وتجميعه الجموع أراد أن يرسل إليه فيأخذه. فلمّا علم بذلك محمّد بن جعفر توجّه بمن اجتمع عنده إلى ميقات الشجرة قرب المدينة يريدها ، فلمّا علم بذلك هارون بن المسيّب خرج إليه بمن معه فقاتله ، فقتل من أصحاب محمّد بن جعفر بشر كثير ، وأصابت نشّابة عينه ، فعاد بمن بقي معه إلى موضعه السابق في بلاد جُهينة عند الساحل (١).
وروى الأموي الزيدي ، عن أحمد بن عبيد الله بن عمّار ، عن علي بن محمّد بن سليمان النوفلي ، ووصفه أبو الفرج : بأنّ علي بن محمّد كان يقول بالإمامة ، وأنّ أكثر حكاياته بل سائرها لا تتجاوز أباه محمّد بن سليمان النوفلي موقوفة عليه ، وهو يومئذٍ مقيم بالبصرة لا يعلم بشيء من أخبار القوم إلّاما يسمعه من ألسنة العامة فيسطره في كتابه! قال : إنّهم رجعوا فأقاموا في جبل ثَبير مدّة ، وطلب هارون بن المسيب من ابن أخي محمّد بن جعفر : علي بن موسى أن يرسله إليه فأرسله فلم يُصِغ إلى رسالته وأقام على الحرب.
ثمّ روى عن محمّد بن علي بن حمزة : أن الجُلودي وجّه إليه خيلاً ، وكان الموضع حصيناً لا يوصل إليه فحاصروه في موضعه ثلاثة أيام فنفد ماؤهم وزادهم ، فجعل أصحابه يتفرقون ويتسللون يميناً وشمالاً ، فلمّا رأى ذلك لبس بُرداً ونعلاً وصار إلى مضرب عسكر الجُلودي فدخل إليه وسألهم الأمان لأصحابه (٢).
__________________
(١) تاريخ الطبري ٨ : ٥٣٩.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٣٦٠.