أحداث عهد الرشيد :
زحف خاقان الترك في خلق عظيم ، وخالف أهل طالقان ، فولّى الرشيد الفضل بن يحيى خراسان فشخص إليها والتقى بعسكر الخاقان والتحمت الحرب بينهما ، حتّى ضرب الفضل بسيفه على وجه الخاقان فانهزم واستباح الفضل عسكره وغنم أمواله ، وافتتح الطالقان مرّة أُخرى.
وكان يحيى بن عبد الله المحض قد هرب حتّى دخل أرض الديلم ، فأخذ يتعقّبه صاحب الديلم ، وعرض الفضل بن يحيى الأمان عليه فقبله منه فأمنه وحمله معه إلى الرشيد فحبسه (١).
نصّ الأمان والقضاة وأبي البختري :
نص إعطاء لأمان ليحيى بن عبد الله المحض الحسني كان من الفضل بن يحيى البرمكي ، وكان قد عرض نصّ الأمان بالمدينة على مالك بن أنس وابن الدرآوردي وغيرهم فقالوا : إنه مؤكد لا علّة فيه. ولكن هارون كان يريد فتوى بنقضه فأمر مولاه مسروراً أبا هاشم أن يجمع لذلك الفقهاء والقضاة ببغداد فجمعهم ، وفيهم صاحبا أبي حنيفة : القاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم ، ومحمد بن الحسن الشيباني ، والحسن بن زياد اللؤلؤي وأبو البختري وهب بن وهب المدني القرشي ، وأخرج لهم مسرور الكبير الأمان وناوله للشيباني فنظر فيه فقال : هذا أمان مؤكد لا حيلة فيه! فصاح عليه مسرور : هاته! ثمّ دفعه إلى الحسن اللؤلؤي فنظر فيه وقال خافتاً : هو أمان! فاستلبه منه أبو البختري وقال لمسرور : إنه قد شق عصا الطاعة وسفك الدم ، فأمانه منتقض باطل! فاقتله ودمه في عنقي!
فدخل مسرور إلى الرشيد فأخبره فقال له : إذهب فقل له : فإن كان باطلاً
__________________
(١) تاريخ اليعقوبي ٢ : ٤٠٧ ـ ٤٠٨ ، وفي ابن الوردي ١ : ١٩٥ : أنّها كانت سنة (١٧٢ ه).