مقتل ابن المقّفع :
ذكر ابن الخياط العصفري البصري : أن سفيان بن معاوية المهلّبي الأزدي تولّى البصرة مرتين الأُولى سنة (١٣٤ ه) ثمّ سنة (١٣٧ ه) (١) وكأنّ قتله لابن المقفّع كان في ولايته الثانية ، كما يلي :
استأذن عليه جمع من أهل البصرة فيهم ابن المقفّع (فلعلّه استأمنه قياساً على ولايته الأُولى) وكان سفيان قد أعدّ له عُدّة قتله في حجرة في دهليز داره ، فأدخل ابن المقفّع قبلهم وجلس غلامه بدابته على باب سفيان ، فلمّا دخل عدل به إلى الحجرة وعنده غلمانه وتنور نار مستعرة! وقال له سفيان : أتذكر يوم قلت لي : امي مغتلمة (٢) أجل أُمّي مغتلمة إن لم أقتلك قِتلة لم يُقتل بها أحد! ثمّ أمر بقطع يديه ورجليه وإلقائها في النار ثمّ أتبعها جسده وأطبق عليه التنّور! وخرج إلى الناس ، وخرجوا من عنده دون ابن المقفّع.
وتخلّف غلامه ينتظره فلم يخرج ، فأخبر بذلك عيسى وسليمان ابني علي العباسي ، فخاصما سفيان في أمره فجحد دخوله عليه ، فاشخصاه إلى المنصور وأقاموا البيّنة على دخول ابن المقفّع عليه سليماً. ثمّ لم يخرج من عنده. فأجّل المنصور الحكم تلك الليلة إلى غد. وجاءه سفيان ليلاً وقال له : يا أمير المؤمنين! اتقِ الله في متّبع أمرك! فقال له : لا تخف! وفي غد قال لهم : أرأيتم إن قتلت سفيان بابن المقفّع ثمّ خرج ابن المقفّع عليكم من هذا الباب من ينصب لي نفسه حتّى أقتله بسفيان؟! وهكذا ذهب دمه هدراً!
ذكر ذلك المعتزلي في شرح النهج ، في شرح كلمة له عليهالسلام قال : ربّ عالم
__________________
(١) تاريخ خليفة : ٢٧٦ و ٢٨٤.
(٢) أي ذات شهوة كثيرة للرجال!