زيد يُريد أهل المسجد :
كان عبيد الله بن العباس الكندي على جيش الشام يحاصرون المسجد الأعظم وبلغهم أنّ زيداً خرج بجمعه نحو المسجد وأقبل إليهم ، فخرج إليهم جيش الشام فالتقوا على باب عمر بن سعد الزهري فبرز الكندي فخرج إليه واصل الحنّاط فاضطربا بسيفهما وقال الحنّاط : خذها وأنا الغلام الحنّاط وانهزم الكندي وأصحابه نحو دار عمرو بن حريث المخزومي. وجاء زيد وأصحابه حتّى انتهوا إلى باب المسجد المعروف بباب الفيل وهو مغلق ، فجعل أصحاب زيد يُدخلون راياتهم من فوق الأبواب وينادون : يا أهل المسجد اخرجوا من الذلّ إلى العزّ في الدين والدنيا. فإنّكم لستم في دين ولا دنيا! فصعد جمع من جيش الشام إلى سطوح المسجد وجعلوا يرمونهم بالحجارة! فانصرف زيد عنهم بمن معه إلى دار الرزق.
فأتاهم الريّان بن سلمة بجمع من جيش الشام فقاتلهم عندها قتالاً شديداً وقتل وجُرح منهم ناس كثير ، وتبعهم أصحاب زيد من دار الرزق إلى المسجد مساء يوم الأربعاء أسوأ ظنّاً بأنفسهم ، وانصرف الريان بن سلمة عند المساء إلى الحيرة ، وانصرف زيد فيمن معه إلى دار الرزق (١).
يوم القتال الثاني : الخميس :
وفي غداة يوم الخميس دعا يوسف الثقفي الريّان بن سلمة فأتاه وليس عليه سلاحه أي غير مستعدّ للقتال ، فقال له يوسف : أفٍ لك من صاحب خيل! اجلس ، إذ لم يجده حاضراً للقتال تلك الساعة. ثمّ دعا صاحب شرطته العباس بن
__________________
(١) تاريخ الطبري ٧ : ١٨٤ ـ ١٨٥ ، ومقاتل الطالبيين : ٩٤ ـ ٩٥.